من أنتِ؟
2025/04/28
47




من أنتِ؟
سؤال قد يبدو بسيطًا، لكنه حين يُسأل بصدق، يتحول إلى زلزال داخلي يهز الأعماق.

أنا كتلة من المشاعر، قطعة رقيقة من نسيج العاطفة، أعيش بتفاصيل قلبي أكثر مما أعيش بتفاصيل عقلي،كل كلمة طيبة تهطل عليّ كغيث، تفتح أبواب الأمل، وتجعلني أتشبث بالآخر وكأنني وجدت أخيرًا وطناً صغيراً في عابر سبيل.

أحتاج إلى مفتاح يغلق قلبي حين يشتد تيار الكلمات المعسولة، حين تمر نسمة حنونة لا تلبث أن تتحول إلى عاصفة قاسية.
كم مرة تمنيت أن يكون قلبي غرفة لها باب متين ومفتاح لا يملكه إلا من يستحق، لا أن يكون شرفة مشرعة لكل غريب!

مشكلتنا الكبرى أننا نسمح لقلوبنا أن تسير بنا نحو المجهول، تقودنا عاطفتنا إلى حيث لا يجب أن نكون، بينما العقل يقف خلفنا يصرخ بأعلى صوته: “توقفوا!” لكننا نكمل الطريق دون أن نلتفت.

اليوم أدركت أن المعادلة الصحيحة يجب أن تكون معكوسة:
دع عقلك يقود قلبك، لا العكس،
اجعل مشاعرك تسير ضمن طريق مرسوم بحكمة، لا أن تكون قارباً صغيرًا في بحر مشاعرك المتلاطم.

نعم، يجب أن نحب.
يجب أن نمنح الخير للناس.
لكن… بدرجة معقولة، بميزان لا يفرط ولا يجور.
نحب كما نزرع زهرة، لا كما نسكب عليها ماءً يغمرها حتى تموت.

علينا أن نحتفظ بجزء من حبنا لأنفسنا، لأن تعلقنا المفرط بالآخرين ليس حباً حقيقياً، بل محاولة للهروب من فراغنا الداخلي.
يجب أن يكون الحب إضافة جميلة إلى حياتنا، لا عصا نتوكأ عليها حتى لا نسقط.

الحب العاقل لا يُطفئ نور القلب، بل يزيده اشتعالاً ونقاء.
والقلب الحكيم لا يغلق أبوابه نهائياً، لكنه يختار بعناية لمن يفتحها.

من أنا؟
أنا امرأة تعلمت متأخرة أن الحب الحقيقي يبدأ من حب الذات.
أن الاحترام لا يُطلب بل يُعطى لمن يستحقه فقط.
أن الأمان لا يمنحه الآخرون، بل نصنعه بأيدينا داخلنا أولاً.

اليوم أقول بثقة:
أنا قلب نابض، لكنني عقل يقود مشاعري،أنا أنثى تعرف متى تمنح، ومتى تحتفظ، ومتى تمضي بقلبٍ خفيف لا تثقله الخيبات.

من أنتِ؟
أنتِ أنتِ… أجمل مما تظنين، وأقوى مما تعرفين.
فقط، اجعلي عقلكِ القائد وقلبكِ الرفيق.

أفياء الحسيني

 

 
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا