سؤال يبدو بسيطًا، لكنه يُخفي وراءه
تعقيدات الحياة الزوجية، وتفاصيل العلاقة بين رجل وامرأة اختارا أن
يشتركا في مسار واحد، فهل السعادة الزوجية قدر محتوم؟ أم أنها قرار
وجهد مشترك؟
الزواج الصحي لا يُبنى على الحب
فقط، بل يقوم على ثلاث ركائز أساسية: التواصل، السلوك، والعلاقة
الصحيحة،
التواصل لا يقتصر على الكلمات، بل
يشمل نظرة العين، وحركة الجسد، ونبرة الصوت،أن تفهم شريكك دون أن
يتكلم، هذه مهارة تبنيها المودة مع الأيام، أما السلوك، فهو المرآة
الحقيقية للنوايا؛ كيف يُظهر كل طرف اهتمامه، كيف يتعامل في المواقف
الصعبة، وكيف يُعبّر عن احترامه واحتوائه، أما العلاقة الصحيحة، فهي
تلك التي تحترم الحدود، وتدعم النمو الشخصي، وتحتوي الخلاف دون أن
تفرّط في الحب.
لكن الواقع لا يخلو من العلاقات
التي تفتقد هذه الأسس، قد نرى زيجات تخلو من التواصل الحقيقي، أو
تتسم بسلوكيات مؤذية، أو تفتقر إلى روابط إنسانية عميقة، هنا، تظهر
مؤشرات الانسجام أو غيابه.
من علامات العلاقة المنسجمة: الحوار
الإيجابي، حيث لا ينتهي الحديث إلى اتهام أو دفاع، بل يُبنى على فهم
متبادل. وكذلك مبدأ الأخذ والعطاء، لأن العلاقة لا تزدهر حين يأخذ
أحدهما باستمرار ويُعطي الآخر دون توقف، من المؤشرات المهمة أيضًا:
القدرة على تجاوز المشاكل دون تراكم، والشعور بالتميّز والثقة
بالنفس داخل العلاقة، لا تذويب الذات. أما الوفاء بالوعد، فهو من
أعمدة الأمان والثقة، وأحد أقوى أشكال التعبير عن الحب.
في المقابل، هناك أسباب واضحة لعدم
الانسجام بين الزوجين: منها ضعف التواصل، أو الاختلاف الكبير في
القيم والتوقعات، أو غياب التقدير، أو تدخل أطراف خارجية، أو حتى
العجز عن حل الخلافات بشكل بنّاء. وغالبًا ما تبدأ هذه المشاكل
صغيرة، ثم تتضخم بالصمت والتجاهل.
فهل يمكن إنقاذ علاقة
تتعثر؟
نعم، متى ما وُجدت الإرادة لدى
الطرفين، ومتى ما شعر كل منهما أن الآخر يستحق المحاولة،التغيير
يبدأ من تفاصيل بسيطة: كلمة طيبة، إصغاء حقيقي، خطوة نحو المصالحة،
وتعلم مستمر لفنون التعامل مع الشريك.
السعادة الزوجية ليست شعورًا
عابرًا، بل نتيجة لعلاقة تُبنى يومًا بعد يوم، بأساس قوي من
الاحترام والتفاهم والاهتمام.
هي مسؤولية لا تقع على طرف دون آخر،
لكنها تستحق السعي من كليهما، لأن البيت السعيد لا يُولد… بل
يُصنع.
أفياء الحسيني
النهضة الحسينية وتأثيرها في النفوس
كيفية التقليل من إدمان الهاتف الذكي؟!