جاء عَنْ رَسُول الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ
خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ
فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ» (الكافي: ج5/ص347). يُستفاد من الآيات القرآنية والروايات
الشريفة صفات المؤمن الحقيقي؛ ومن أبرزها الإيمان المقترن بالعلم
والعمل، حيث قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ
وَالَّذِينَ أُوتُواْ العِلْمَ دَرَجَات﴾ (المجادلة: ١١)، فالمؤمن
العالم يُعرَف بصلابة العقيدة لا ينحرف ويخرج عن هدي الإسلام، ويعلم
أحكامه وتكاليفه الشرعية فيعمل بها، ولديه الإلمام بآداب التعامل مع
الزوجة، ويعلم ما يجب عليه تجاهها، وما يجب عليها تجاهه، ويعلم طرق
التربية الإسلامية الصحيحة، ويكون على بصيرة في أموره، مُلمّاً بأوجُه
الصحة والفساد، راسخ الإيمان، مستعداً للتضحية بالنفس والمال في سبيل
الحفاظ على دينه وقيمه ومبادئه، لا يتنازل ولا يتهاون في أدائه
التكاليف الشرعية أمام الضغوط الاجتماعية. أمّا المؤمن غير العالم؛ فإنّه قد
ينحرف عن دينه أمام الشُّبَه والتشكيكات، ولا يعلم من أحكامه وتكاليفه
الشرعية إلّا القليل من الأمور المتعلقة ببعض أحكام الصلاة والصيام
والطهارة.. ويجهل الكثير من الواجبات والأحكام التي ينبغي له العمل
بها، ولا يتجنب الخوض في بعض المحرمات، فالبعض من هؤلاء (مثلاً) يقع
في أكل المال الحرام لعدم معرفته بأحكام التجارة، والبعض منهم لا
يخمِّس أمواله مما يوجب بطلان صلاته في اللباس غير المخمَّس، والبعض
من هؤلاء تكون أعماله الشرعية باطلة طيلة أيام حياته! لعدم معرفته
بكيفية أدائها على الوجه المطلوب، وعدم معرفته بقواعد التربية
والرعاية الصحيحة وكيفية التعامل مع الزوجة، فأمثال هؤلاء لن تنسجم
حتماً معهم زوجاتهم المؤمنات العالمات الملتزمات من الناحية الفكرية
والدينية، وستقع المشاكل بينهما بوصفهما زوجين إن عاجلاً أو آجلاً، إذ
من غير المعلوم قدرة الزوجة التغيير من زوجها والحالُ هذه، بل ربما قد
تتنازل عن بعض واجباتها الدينية! وأول مراحل التنازل التي قد تحصل قد
تقع ابتداءً من الخطوبة وعقد القِرَان والزواج، مثل حصول الاختلاط بين
الجنسين، والاستماع إلى الأغاني، ورقص الزوجين بمرأى ومسمعٍ من النساء
والرجال، إلى غير ذلك من الأمور المحرمة التي تصاحب
الزواج. ولو حصل أنْ فرَض الزوجُ رغبته بعدم
ارتكاب المحرمات فضغوط العائلة والأقارب والأصدقاء والمعارف تمنعه -في
أغلب الأحيان- من إقامة مراسم زواجهما على طبق التعاليم الإسلامية،
بخلاف الزوج المؤمن العالم فإنّه لا يبالي بتحصيل مرضاة الآخرين قبال
معصية الله سبحانه، ولو تسبب ذلك في سخط الأهل والأصدقاء ونُفورهم
ووصفهم إيّاه بالتخلُّف والتزمُّت، ذلك لأنّ أولوية الحفاظ على الدين
مقدمةٌ على جميع الأمور التي تشترطها بعض العوائل في الخاطب من المال
والشهادات الأكاديمية والنَّسب والحرفة والصنعة.. والإنسان المؤمن بالمصطلح الإسلامي هو
الذي مع اتصافه بالعلم والبصيرة والدين والسعي إلى معرفة تكاليفه
الشرعية وإحرازه قَصَبَ السّبْقِ في مجالات وميادين الحياة المختلفة
فإنّه يسعى جاهداً للعمل والكسب لتأمين الحياة الكريمة له ولعائلته،
فقد جاء عن النبيِّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «الكَادُّ
عَلَى عِيَالِهِ كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اَلله» (فقه الإمام الرضا
(عليه السلام): ج1/ص205)، ومَن كان من الخُطّابِ هذه مواصفاته، ينبغي
لأهل المخطوبة أن لا يردّوه؛ ذلك أنّه إن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لم
يظلمها، وعلينا أن لا ننسى أنّ هناك صفات أخرى لا بدّ من تحلِّي
المؤمنين بها: (الأمانة والصدق والإخلاص والوفاء والكرم والشجاعة
والعقل وسلامة المنطق وحسن التدبير في المعيشة وحسن إدارة الأمور وطيب
الكلام والمحافظة على النظافة والطهارة والصبر وتجنب الفحش في
القول..).
✍️ السيد زين العابدين
الخليل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1014.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري
تحدث معنا