قال تعالى في كتابه العزيز:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ
اللهُ﴾ (النساء: 34). الآية فرضت القوامة للرجل في الحياة
الأسرية؛ والقوامة هي من القيام على الشيء، والمراد أنّ الرجل هو من
يقوم على الأسرة برعايتها وحياطتها، نظراً إلى أنّه لا غنًى لأيِّ
مجتمع ولو كان صغيراً أن يكون الرجوع إلى رأي واحد معيّن من أهله في
حال طروء الاختلاف في النظر؛ ليكون ذلك مرجعاً رافعاً للتشويش
والخلاف، لا على أن يمارس سلطةً مطلقةً كما يشاء بل رعايةً للنظم
والصلاح، وطبيعة الرجل بحسب خلقته وتكوينه النفسي أنسب بذلك لما
يتضمّنه نوعاً من عناصر الحزم في اتّخاذ القرار، والثبات فيه، والبُعد
عن التأثر بكثير من الأحاسيس والانفعالات العاجلة، وامتلاك القوّة
التي تقتضيها حماية الأسرة عن الاعتداء من قبل الآخرين، وذاك أمر
مُعاش على الإجمال، وتؤيده جملة من الدراسات الاجتماعية، والتي أوردت
بعضها أنّ المرأة نوعاً أكثر رغبة إلى الرجل القوي منها إلى الرجل
الضعيف المطاوع. وقد أشارت الآية الكريمة إلى ذلك بما
ذكرته من التفاضل، إلّا أنّ من اللطيف في تعبيرها أنّها لم تعبِّر
بتفضيل الرجل على المرأة! بل عبّرت بتفضيل بعض على بعض، وكأنّ في هذا
التعبير إشارة إلى أنّ ذلك مقتضى تفاضل الرجل والمرأة وامتياز كلٍّ
على الآخر، كلٍّ في جهة، فكان امتياز الرجل يقتضي اعتبار القوامة له،
وإن كان للمرأة فضيلة وامتياز من جهات أخرى. وقد أضافت الآية تعليلاً آخر يقع في
الرتبة الثانية، وهي التكفُّل المالي من الرجل للأسرة؛ فإنّ تكليف
الرجل باستحصال النفقة والإنفاق على الأسرة يناسب إناطة القوامة به
فيما يتعلق بالجوانب المالية، والقرار الاقتصادي في الأسرة خاصةً، وفي
سائر شؤون إدارة الأسرة بشكلٍ عام، على أنّه قد أخذ الدين على الرجل
أن يعاشر المرأة بالمعروف، ولا يجوز له أن يستغل موقعه للتعسف
والظلم. وإن هذا التعليم لهو تعليم حكيم وواعٍ
في نفسه في توزيع أدوار الرجل والمرأة؛ إلّا أنّ سوء تطبيقه واستغلاله
على وجه خاطئ هو الذي يجعل له إيحاءً سلبياً في نفس الإنسان بتوهم
أنّه يؤسس لظلم المرأة، ولو وعاه الزوجان وفق سياقه الفطري وفي ضوء
تجارب الحياة لوجدا أنّه أحسن التشريعات الممكنة في تنظيم العلاقة بين
ركني الحياة الأسرية الرجل والمرأة. وقد يعرف الكثير منّا أسراً
ملتزمة تعيش السعادة بالالتزام بهذه الحدود، بعد أن اقتنعت بصوابها
وسدادها.
✍️ (انظر: اتجاه الدين في مناحي
الحياة، السيد محمد باقر السيستاني: ص١٨٠-١٨١)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1014.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري
تحدث معنا