قد يعتذر بعض الناس بأنه لا يجد الزوج
المناسب أو الزوجة المناسبة، والواقع أنّ هذا الأمر يمكن أن يتفق في
بعض الأحوال، ولكن كثيراً ما ينشأ هذا القول عن عدم البحث الكافي
والجد في الطلب، أو التمسك بما لا يتاح، أو حصر النفس بخيار غير
ملائم. ومن أمثلة ذلك: ١- أنّ الفتى قد يرغب في أن يتزوج
بفتاة اختارها في الجامعة، لكنه يستحيل أن يصل إليها إلّا بما يضر بها
ويحطمها ويفسد حياتها وهو يؤثر على حياته أيضاً، ومن الغلط أن يُصرّ
الشخص على أن يديم المسيرة في طريق مسدود. ٢- أن يُصرّ على التمسك بفتاة لا
تقتنع بإمكاناته وراتبه مع أنّه لا يستطيع في ظروفه أن يستزيد منها،
والمفروض أن يرفع الشاب اليد عن هذه الفتاة في هذه الحالة؛ لأنّ
موقفها هذا لا يخلو أن يكون من جهة عدم تقديرها لظروفه، فذلك من سقم
المودة، أو يكون من جهة عدم استطاعتها حسب ما اعتادت عليه أن تقتنع
بمثله، فلا يكون هذا الشاب أوّلوية لها بالمقارنة مع العناصر التي
تفتقدها فيه، وفي كلا الحالين فلا جدوى في هذا التمسك. وكثير من العلقات من هذا القبيل لا
تتجاوز رغبات غريزية نابعة عن ضرب من الذوق الجمالي والتفاعل الأكثر،
وليست حدوداً حكيمة ينبغي تقيُّد المرء بها وتقييد مستقبله بنطاقها،
ومن يتحرر منها ويبحث يجد مراغماً كثيراً وسعةً وتنوعاً في الخلق،
ورُبّ جمال واستجابة لم يستتبع السعادة والمودة المرجوة للمرء كما هو
الحال فيما إذا لم يقترن بالأصالة والتحمل والصبر وروح المودة بل كان
وبالاً وأوجب شقاءً، فلا ضير في الاهتمام بالجمال والترجيح به ولكن لا
يصح جعله العنصر الأهم عند تزاحم الجهات، فالجمال الروحي والخصال
النفسية المناسبة وروح المسؤولية وتقديس الحياة الزوجية أهمّ
وأحرى. هذا، وليس من مقتضيات لفت نظر الشباب
إلى أهمية الزواج في حياة الإنسان القبول بتهييج الرغبات الخاصّة
والتعلقات العاطفية والارتباطات الخاطئة والإغراءات المتكلفة مبكراً،
فإنّ ذلك كله خطأ فاحش قبل النضج والزواج، بل يوجب الوقوع في الأزمات
النفسية والتجارب المبكرة الضارة والسلوكيات التافهة والشواغل اللاهية
عن الاهتمامات الأسرية والاجتماعية والدراسية، وإنّما المقصود بما
ذكرنا الالتفات إلى تحرك الإنسان بحسب سنن الحياة المشهودة إلى
الاستقلال عن الأهل وتكوين الأسرة ومسؤولياتها كما يشهده الأطفال
بملاحظة من حولهم.
✍️ (مقتطف من مقال للسيد محمّد باقر
السيستاني: الشباب وأوّلويات الحياة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد١٠١١
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري
تحدث معنا