الحياة السعيدة بتكامل الرجل والمرأة / 2 (خطر تفرّد مشاعر الانجذاب بين الجنسين!)
2024/11/18
14
الحياة السعيدة بتكامل الرجل والمرأة
/ 2
(خطر تفرّد مشاعر الانجذاب بين
الجنسين!)
يندرج تجهيز الإنسان نفسياً -من جهةٍ-
بصفة الجاذبية بين الجنسين، وبالصفات المحددة للاستجابة لها من جهةٍ
أخرى، كما في قاعدة بديهية في علم الأحياء -في شأن التكوين البدني
والخصائص السلوكية للإنسان-، وهي أنّ كلّ خصوصية في الكائنات الحية هي
حالة هادفة في تكوينه، بحيث تضمن له ملاءمة خاصة مع مصالح هذا الكائن
وتسهّل له حفظه وبقاءه وصيانته عن الأضرار.
وتجري هذه القاعدة الإحيائية في كلِّ
الكائنات الحية، وكلما كان الكائن الحي أكثر تطوراً كان نصيبه من
تطبيقات هذه القاعدة أوفر وأكثر، فهناك ملايين من تطبيقات هذه القاعدة
في شأن الإنسان في كلِّ خصوصية من خصوصيات بدنه من رأسه إلى أخمص
قدمه، حيث إنّ لكلٍّ منها دخلاً منظوراً في صلاحه على وجه رائع
للغاية، حتى إنّ مظهر الإنسان أيضاً صيغ على وجه جميل عن طريق مناسبة
موضع الأعضاء الظاهرية وتناسقها ووحدة بعضها كالأنف، وتعدد أخرى
كالعين واليد والرجل، كما أنّ الخصائص التي امتاز بها الجنسان جاءت
ملائمة لتكامل الجنسين بشكل مذهل كما يوضح ذلك في علوم الطب وخاصةً في
علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء.
والحال في الخصائص النفسية للإنسان
كذلك، فهي تركيبة ملائمة للهدي الضامن لمصلحة الإنسان بشكل نوعي،
فكانت الجاذبية القائمة بين الجنسين ضرورية لتكوين الأسرة وبقاء
النسل، كما كانت صفة الحياء والغيرة والتعالي صفات ضرورية لتحد
الدوافع الغريزية في الإنسان وتساعده على رعاية قانون ملائم لمصلحته
النوعية.
ولا ريب في أنّ استقامة حياة الإنسان
تتوقف على كلا الركنين، فلو أنّ مشاعر الانجذاب بين الجنسين اختفت
تماماً أصيب الإنسان بالخمول والخمود وكان عرضة لعوارض ناشئة عن
الشعور بالفقدان كالإفراط في ممارسات أو جوانب أخرى من الحياة، كما
تضطرب الحياة الأسرية في حال طروّ هذه الحالة فيها، كما أنّها لو
انحرفت عن وجهتها حدث أنحاء من الشذوذ والاضطراب النفسي، كما أنّ
مشاعر الحياء والغيرة والتعالي إذا اختفت تفردت مشاعر الانجذاب لتجعل
من الإنسان غريزة عارية عن اللياقات الإنسانية الحميدة.
ومن الخطأ الفاحش تهوين صفة الحياء
والغيرة والتعالي كما تجري عليه بعض الثقافات المعاصرة، على أساس عّدّ
الحياء ضعفاً، والغيرة أنانية، والتعالي ترفعاً واهماً، كلّا، فهذه
صفات نبيلة وراقية تهذّب السلوكيات الغريزية للإنسان وتساعده على
تقنين الاستجابة لتلك المشاعر بقوانين ملائمة، حتى تكون له شخصية
مستقيمة ومعتدلة موافقة مع الصلاح النوعي للإنسان، وهي أساس القدرة
على ضبط النفس عن كثير من الأخطاء والخطايا والاتصاف بالعفاف المحمود
والسلوك الحميد.
✍️ السيد محمد باقر
السيستاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد1010.