وصايا أبوية لابنتي الجامعية
2024/10/24
160

وصايا أبوية لابنتي الجامعية


يقول صديقي: لله الحمد والفضل أن مَنَّ على ابنتي أن تحصل على معدل عالٍ في مرحلة السادس الإعدادي، وبالطبع سعادتي تفوق سعادتها، ليس لكونها مجدّة ومجتهدة فحسب، بل الأهمُّ هو أنّها ملتزمة جداً بحجابها وتأدية واجباتها الدينية، وهي على خلق عالٍ كما تشهد بذلك إدارة مدرستها وزميلاتها، فضلاً عن أقاربنا وجيراننا.
وبعد أن هدأت عاصفة السعادة، جاءت الطموحات والأمنيات بأن تدخل ابنتنا في أحسن الكلِّيات بأفضل الجامعات، ولكن هناك هاجس راودني فأقلقني حتى جافاني النوم تلك الليلة إنّه هاجس عالَم الجامعة! وعند بزوغ الفجر وبعد الصلاة والمناجاة هداني الله تعالى إلى جملة أمور لأضعها بين يدي ابنتي العزيزة لتكون لها زاداً تتزوَّد منه وحصناً حصيناً يقيها ممّا هي مقدمة عليه.
بعد تناول الإفطار الصباحي جلست مع العائلة ووجّهت كلامي لابنتي الغالية وقلت لها:
ابنتي الغالية:
أنت مقبلة على عالم جديد بكلِّ ما تحتويه الكلمة من معنى، هذا العالم فيه الشيء الكثير الذي لم تطَّلعي عليه لحد الآن، وكوني متخرِّج في إحدى الجامعات فأنا مطّلع بما يكفي على بعض الأمور، مع أنّ الفارق أصبح كبيراً في الوقت الحاضر عمّا مضى، ولكنِّي ما زلت على اطِّلاع كافٍ على ما يجري هناك من هنا وهناك.

بُنيَّتي، هذا العالم فيه من المثيرات والتأثيرات الشيء الكثير، فهو عالم مغرٍ وقد ينزلق في بحره مَن لا يعدُّ العدّة لخوض غماره فيغرق مَن لا يحسن العوم فيه!

أنا أعلم يا ابنتي الغالية علم اليقين بنقائك وصفائك وتقواك، ولكن كما يقول الباري عزّ من قائل: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ﴾، وأنت إن شاء الله تعالى من خيار المؤمنين، هذه بعض التوصيات والنصائح اجعليها أمام ناظريك، بل اجعليها دستوراً في حياتك ولا تفارقيها أبداً:

- أوّلاً وقبل كلِّ شيء يجب أن يكون هدفك سامياً من وراء دخولك الكلية، بأن تكوني في خدمة مجتمعك ودينك بعد تخرُّجك، ولا تفكري بأن شهادة التخرّج مجرد فرصة وظيفية غايتها الحصول على مرتّب شهري.

- داومي على اجتهادك وابدعي في تخصُّصك، فلا تتطوّر المجتمعات والبلدان إلا بهما.

- الأهم من هذا كلّه أن تكوني صاحبة رسالة، وأن تحافظي على مبدئك وقيمك ولا تهزُّك الشعارات والتيارات المتلبّسة باسم الحرية والتطوّر المزيَّف، هذه هي رسالتك الأسمى ويجب أن توصليها ليس على مستوى مجتمعك فقط، بل إلى كلِّ العالم.

- كوني قدوة وأسوة، كما هنّ سيداتنا الجليلات العفيفات من أهل البيت (عليهم السلام) ومَن سار على نهجهنّ، ومَن كان كذلك فاز بالدنيا والآخرة.

- وبئس القدوة تلك اللواتي من مشاهير الدنيا، بحجّة الانفتاح والتحرُّر.

- حافظي على شخصيتك وهيبتك، ولا تتزلزلي بكثرة أتباع الدنيا وملذاتها، فالقرآن الكريم يصفهم بأنّ أكثرهم من الجاهلين، والقليل هم الشاكرون الحامدون.

- ليست من صفات البنت المؤمنة أن تختلط مع الطلاب الذكور بغير الدرس والضرورة، ولا تكوِّن صداقات مع الجنس الآخر، فهو محرم شرعاً، وابتعدي عن الكلام اللهوي وغير الضروري، فضلاً عن المفاكهة والمزاح.

- قال الشاعر: شبه الشيء منجذب إليه.. وقالوا: الطيور على أشكالها تقع، يعني؛ إن الإنسان يُقاس بقرينه الذي يماثله بالسلوك والتصرُّفات؛ لما للرفيق من تأثير مباشر وكبير على مَن يرافقه، فإن كان الصديق من الأخيار أخذ عنه صديقه من صفاته والعكس بالعكس. فانظري يا قرّة عين والديك مَن تصادقين من البنات، وتكون محلَّ ثقتك ومستودعاً لنجواك. وصدق الشاعر فيما قال:

إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم 
 ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه 
 فكلُّ قرين بالمقارن يقتدي

- حجابك وحشمتك عنوانك وهويتك، ليعرف الجميع أنّ حجابك هو مصدر تقدُّمك وتحفيزك لتقديم الأفضل، على العكس ممّا يُشاع أنّ الحجاب عائق أمام تقدُّم المرأة وتطوِّرها، وإذا بحثنا في العالم سنجد الكثير من المبدعات المتألقات في شتّى المجالات وهُنّ بكامل حجابهُنّ وعفافهُنّ.

- سيتّهمك البعض أنّك معقّدة ومتخلِّفة وغير منفتحة على العالم، وقد يعاديك البعض ويتخذ موقفاً سلبياً منك، ولكن اعلمي أنّ هذا هو طريق الحقِّ، فلا تستوحشي من قلّة سالكيه، يكفي أنّ الله تعالى يرضى عنك، ومَن كان مع الله تعالى لا يهمَّه أيُّ شيء!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد1006

✍️ علي عبد الجواد

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا