أثر الأم في تربية الطفل
2024/09/02
38
أثر الأم في تربية الطفل
وفاء سامي الزيادي

تبقى مسألة تربية الأطفال والعناية بهم من المسائل المهمة في حياة الأسرة والمجتمع، نظرًا لأهميتها القصوى في إعداد الأجيال الصاعدة إعدادًا سليمًا.  
يقول المعنيون بتربية الأطفال: إن هذه العناية تبدأ والجنين ما يزال في رحم أمه، ثم تتغير أساليب العناية بالمولود وتتنوع تبعًا لنموه، وذلك لإرساء الأسس السليمة لبنائه الصحي من الناحيتين الجسمية والعقلية.  
وليس حليب الأم وحده كافيًا لتربية الطفل، بل هناك حاجات لنفوذ الأم وتأثيرها في تطور الأطفال وتهذيبهم خلال السنوات الأولى من الحياة. فالبيت يُعتبر مهد الطفولة الأولى، وفيه تترعرع الأخلاق، وتصقل العادات والمواهب، والمسؤول الأول عن البيت هي الأم. وقد أكدت الاتجاهات العلمية الحديثة أهمية هذه الناحية، وخاصة تلك التجارب والمحاولات التي أجراها الأطباء المعنيون والباحثون النفسيون في هذا المضمار، والتي قدمت لنا نتائج باهرة ومعلومات شيقة تثير الفضول والانتباه.

فقد نُظمت منذ عهد ليس بقريب مراكز خاصة مهمتها تقديم كل أنواع الرعاية التي يحتاجها الطفل، لكن المشرفين على شؤون هؤلاء الأطفال لاحظوا أن الأطفال الذين ينشأون في هذه المراكز ليسوا كسائر الأطفال الآخرين في عدة جوانب. في التقارير المقدمة من دراساتهم، وجدوا أن وجوههم شاحبة باهتة على الرغم من كفاية التغذية، والطفل فيهم هادئ لا يكاد يتحرك حين يكلمه أحد أو يبتسم له. كما وُجد أيضًا أن تطبيق مقاييس الذكاء الأساسية أظهر تأخر هؤلاء الأطفال في جميع ردود الفعل الانعكاسية تقريبًا، ويبدأ هذا التأخير بالظهور خلال الأسابيع الأولى، بل منذ الأيام التي تلي انفصال الأم عن الطفل.

إضافة إلى ذلك، فإن مثل هذا الطفل يُظهر اهتمامًا أقل بما يحيط به، وتعلقًا أخف بألعابه الخاصة، حتى يصبح مراهقًا ثم بالغًا. ويصعب عليه التركيز في المدرسة أو تثبيت الانتباه، ونادرًا ما يكون تلميذًا ناجحًا. كما يقل اهتمامه بالأشخاص والحوادث، حتى ولو كانت تجلب الانتباه. وهناك أيضًا ميل إلى السرقة والكذب والخداع، ولا تلبث صلاته بالآخرين أن تصبح سطحية بعد ذلك، وتسيطر عليها المصادفة والنزوة العارضة، إذ إنه لا يشكل صداقات ثابتة. وفي بعض الأحيان، تتغير طباعه ويصبح حزينًا وينطوي على نفسه، ولكن تفكيره لا يكون ناقصًا.

لذلك، فإن عناية الأم ضرورية ولها أهمية قصوى في مرحلة الطفولة الأولى وحتى السنة الثالثة أو الرابعة، وغيابها في هذه الفترة يحدث اضطرابًا وقلقًا في حياة الفرد النفسية.  
والأم هنا لا نقصد بها الأم الحقيقية فقط، بل أي امرأة قريبة من نفس الطفل، تأخذ محل الأم منذ الطفولة الأولى، ويمكنها أن تؤدي نفس المهمة. والتبني يعد نوعًا من الحل لمشكلة هؤلاء الأطفال، رغم أن قسماً منهم يشعرون باليتم وهم بين أفراد عائلاتهم.

نرجع ونقول إنه ما دام هؤلاء الأطفال يؤلفون الجيل الناشئ، فإن للأم أهمية كبرى لا تقتصر على نشأة الأطفال فقط، بل على تهيئة الأجيال والأمم في المجتمعات.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا