محاضرة على هامش السؤال
2024/07/22
211
محاضرة على هامش السؤال  
                                أفياء الحسيني

كنت ضيفة على عائلة من عوائل الأقرباء. كانت إحدى البنات منزوية تقرأ في كتاب ويبدو لي أنها تواجه صعوبة أو تشعر بضيق. وفجأة نظرت إلي وكأنها تذكرت وجودي، وتقربت إليّ لتسألني: "ما هي أساليب التربية الأسرية السليمة؟ وهل هناك نقاط ثابتة أم لكل أسرة أسلوبها؟" أجبتها: "في سؤالك نصف الحل. الأساليب الأسرية تتعدد ومن أبرز هذه الأساليب:

الاعتماد على التوجيه: يقوم هذا الأسلوب على الحوار الفعّال الذي يعمق الثقة والروابط الوجدانية بين الأبناء ووالديهم، الأمر الذي يجعل من السهل بناء التوافق المعرفي.

الملاحظة والمتابعة: يتمثل هذا الأسلوب بملاحظة مدى التزام الأبناء بتوجيهات أهلهم المتجسدة في تصرفاتهم داخل البيت وخارجه."

سألتني: "وهل هناك ضوابط لهذا التوجيه؟"

سؤال جميل ينم عن ثقافة فكرية، بمعنى أنك اكتشفت أن التوجيهات لها ضوابط وموازين لكي تكون تلك التوجيهات جادة. نعم، لابد أن يشكل الوالدان القدوة الأولى لأبنائهم، فيحاكونهم في كل ما يبدر منهم، فمن الصعب على الإنسان أن يطيع الآخرين في شيء هم غير ملتزمين به أصلاً.

كانتها استحسنت الفكرة لكنها عادت تسألني: "طيب، وما هو دور العقاب في القضية؟ دائماً أسأل نفسي كيف يستسيغ المربي أن يلجأ إلى التخويف والترهيب والعقاب؟ وهل شحت الأساليب؟"

قلت: "يندرج ضمن الواجب التربوي للوالدين إظهار بعض الحزم والشدة إن استدعت الأمور ذلك. انتبهي لي، إن استدعت الأمور ذلك. لذا يجب عليهم أن يراوحا بين الود والعقاب، ويشار إلى أن العقاب لا يعني الضرب المبرح أو أي شكل من أشكال التعنيف بالغ الضرر."

العوامل المؤثرة في التربية الأسرية: هناك بعض الأمور المعقدة التي لابد أن ننتبه إليها. أولها عمر الوالدين: للفارق العمري بين الأبناء ووالديهم أو بين الوالدين أنفسهم دور بالغ الأثر في تربية الأبناء، فكلما زاد هذا الفارق كان من الصعب أن يعم التفاهم والتوافق في أرجاء المنزل.

وبعدها الوضع الصحي للوالدين: يؤثر الوضع الصحي للوالدين بأبعاده النفسية والجسمانية والعقلية على الأسلوب التربوي المتبع. فقد يلجأ من يعاني من إعاقة إلى الشدة والقسوة في تربية أبنائهم كمحاولة لتعويض النقص الذي يشعرون به.

المستوى التعليمي للوالدين: يتفاوت المنظور الحياتيّ والطموح الشخصيّ بين الناس وفقاً لمستواهم التعليمي والثقافي، الأمر الذي يظهر أثره في تربيتهم لأبنائهم. فتوفير البيئة الداعمة والقدوة الحسنة يجعل من أبناء المثقفين مؤهلين بشكل أكبر من غيرهم للنجاح في حياتهم.

بعد هذا سألتها: "هل من سؤال؟" ابتسمت لي وقالت: "سلامتك."
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا