جميعنا نعلم أن الزوجين هما الطرفان اللذان بارتباطهما وتكاملهما تتكون الأسرة، ولكي يكون التكوين سليما، عليهما الإصغاء إلى بعضهما بعضا في حوارهما عند التخطيط لحياة هذه الأسرة ووضع قوانينها وأسسها الرئيسة.. ثم في سائر حياتهما معا ومع الأبناء، يؤكد الخبراء أن الإصغاء الجيد أهم بكثير من الحديث، وهو المقدمة السليمة للحديث المتوازن الذي يرتكز إلى فهم الآخر واستيعاب دوافعه.
مهارات الإصغاء مكتسبة تتأثر بالشخصية والتربية الأسرية ولكي يتم توظيفها لصالح الأسرة ينبغي على كلا الشريكين أولا إظهار الاهتمام والرعاية للآخر؛ وعلى كل واحد أن يسعى إلى بعض من التحسين في فن الاستماع لكن من دون مبالغة في هذا، فعندما يقول أحدهما مثلا "لقد رأيت مناماً ممتعا الليلة الماضية"، فبدل أن يقول الآخر "لا أريد سماع هذا المنام" يمكنه أن يقول "هذا حسن وماذا كان في المنام؟"، وتشير الدراسات هنا إلى أن حسن الفهم واستيعاب الآخر من شأنه أن يقلل كثيراً من احتمالات تحول الحوار إلى نزاع وجدال.
كذلك عليهما الانتباه إلى طريقة الاستماع والتأكد من الفهم فهي طريقة تقوي الرابط بين الزوجين من خلال تحقيق حاجة كل طرف الى أنه قد استُمِع إليه وأنه قد فُهم تماما من قبل الآخر، ويتكلم في هذه الطريقة أحد الزوجين بينما يقوم الآخر بالاستماع وبعدها يحاول أن يكرر ما قاله الأول وذلك للتأكد من أنه قد سمع، مثلا يتصل الزوج ويخبر زوجته بالتالي: لن أحضرعلى الغداء، فتعيد الزوجة الكلام سائلة للتأكد من أنها كانت مصغية بشكل جيد: قُلْتَ لن تحضر على الغداء؟
بالإضافة إلى أنه ينبغي لهما تحديد موضوع الحديث فمن المهم جداً أن يحددا الموضوع الذي يريدان الحديث عنه لأن النقاش قد يكون غير مجد عندما يدور الحوار في مواضيع كثيرة وغير محددة، مما يجعل الإصغاء مُشتتا، ولذلك يحاول الزوجان قدر الامكان أن يحددا محورا للحديث أو أكثر لكن دون تغييرهما خلال الحديث، في جلسة الاستماع، ففي الغالب هناك بين الزوجين الكثير من المواضيع التي يتجنبان الحديث عنها ولعدد من السنوات خشية أن تحدث خلافا أو عدم اتفاق، ولا ننسى التأكد من الفهم بأسلوب مهذب.
هنالك حركة مفيدة يمكن أن يقوم بها الزوجان لترتيب كيفية الحديث؛ وهي أن يحمل من يتحدث بطاقةً أو قلمًا ليشير إلى أن من بيده هذه البطاقة هو الذي يستطيع الكلام فقط، ويمكن للزوجين تبادل هذه البطاقة كل عدة دقائق وليحاول المتكلم أن يتكلم بوضوح وفي صلب الموضوع وألا يكثر في الحديث.
مستمعتي العزيزة من الضروري أن يكون الإصغاء بين الزوجين في السراء والضراء، وليس في أوقات محددة دون غيرها كما يفعل بعض الأزواج، فإن هؤلاء الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي يعيرون الانتباه إلى مشاعروعواطف أزواجهم، لأنهم يكنون مشاعر الاحترام لهم ويهتمون بهم، ويحرصون على التفاعل الإيجابي بكل ما يبديه الزوج الآخر من لفت انتباه، أوعدم تجاهله ولابد من التذكير بضرورة عدم الالتفات إلى الأفكار أوالتوهمات الحاصلة لدى فكر كل من الزوجين، وذلك بتأثير الأقاويل الخارجية أي الصادرة من طرف ثالث غير الزوجين سيما إن كان طرفا غير محبذ لديهما أو لدى أحدهما، كصديق أو قريب ما، كي يكون الإصغاء موجها صافيا يأخذ اتجاهه الصحيح، وذلك ما يُدعِّم الارتباط الزوجي بينهم ويبعد الخلافات والمشاكل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج إصغاء ورحلة بناء - الحلقة
الثالثة -
الدورة البرامجية 77.
المشورة نافذة البصيرة وقوة الفكر
اقلام على خطى الزهراء (عليها السلام)