دعوة للأمل والحياة الطيبة
2025/09/08
45

إنَّ القرآن الكريم، الذي تبدأ سوره بذكر الرحمة والمغفرة الإلهية، ينشر في قلوب المؤمنين عطر الأمل ورائحة الرحمة، ويحثهم على الاستفادة من فرصة الحياة (العمر)، بل ويعد الذين يعملون الصالحات بحياة طيبة وكريمة في الدنيا: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ (النحل: 97).

الحياة الحقيقية:
الحياة ذات القيمة الحقيقية هي الحياة الناتجة عن الإيمان بخالق الكون والسعي للإتیان بالأعمال الصالحة، أما الذين يكفرون بالخالق فهم محرومون من هذا النوع من الحياة، ولذلك فحديثهم عن قيمة الحياة يكون بلا معنى، وهؤلاء يغرقون في ظلمات الإنكار، ويحجبون قلوبهم عن نور الأمل والرحمة الإلهية.

نظرة الإمام علي (عليه السلام):
في ضوء نظرة الإمام علي (عليه السلام)، لا تصبح الحياة ذات قيمة فحسب، بل تعدُّ الفرصة الوحيدة التي يمكن عن طريقها تحقيق السعادة الأبدية، وبإدراك قيمة الحياة يمكن للإنسان أن يضمن فوزه، لكن بإنكارها يشتري لنفسه الشقاء الأبدي. والحياة -كما وصفها أمير المؤمنين (عليه السلام)- سوق يمكن للإنسان أن يحقق فيها تجارة رابحة، ينال بها رحمة الله والفوز بالجنة: «إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا، ودَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، ودَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا، ودَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا؛ مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللهِ، ومُصَلَّى مَلَائِكَةِ اللهِ، ومَهْبِطُ وَحْيِ اللهِ، ومَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللهِ؛ اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ ورَبِحُوا فِيهَا الجَنَّةَ» (نهج البلاغة: 493).

الحياة بين الإنسانية والحيوانية:
إن تبنِّي (النظرة الإيمانية الهادفة) يمنح الحياة معنًى ويجعلها تستحق أن تُعاش، وفي غياب هذه النظرة لا تتجاوز حياة الإنسان مستوى الحياة الحيوانية، بل قد تنحدر إلى ما هو أدنى منها؛ فالحيوان لا ينشغل إلا بتلبية حاجاته الأساسية من أكل ونوم وغضب وشهوة، فقد روي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: «فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالبَهِيمَةِ المَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أوِ المُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أعْلَافِهَا وتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا...» (نهج البلاغة: 418).

✍️ د. علي رضا محمد حسن

 

__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1037.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا