كان أبو الفضل العباس بن علي (عليه السلام) قريبًا من أخيه سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)، وملتصقًا به منذ أن رفض بيعة يزيد وحتى قبيل شهادته، وكان يعيش سلوك الإمام الحسين (عليه السلام) ونمطية علاقته بالآخرين، ومنها سمة الحوار التي كان الحسين (عليه السلام) حريصًا عليها، وكان يسعى لحل القضايا مع الطرف الآخر، والبحث عن المساحات المشتركة مع المخالف وهذا الأمر يكاد أن يكون بيّنًا وواضحًا لمن تأمل خطب الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء.
ولما وصل الإمام الحسين (عليه السلام) إلى أرض كربلاء كانت تعقد جلسات تفاوض وحوار بينه وبين عمر بن سعد، وكان يصطحب معه أخاه العباس (عليه السلام). (يُنظر: مقتل الخوارزمي: 1/247).
وفي عصر تاسوعاء حينما تحرك الجيش الأمويُّ باتجاه مخيم الحسين (عليه السلام) التفت إلى أخيه العباس (عليه السلام) وقال له: «يا عباس، اركب -بنفسي أنت يا أخي- حتى تلقاهم وتقول لهم: ما لكم وما بدا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم».
فأتاهم العباس (عليه السلام) في نحوٍ من عشرين فارسًا، منهم زهير بن القين (رضوان الله عليه) وحبيب بن مظاهر (رضوان الله عليه)، فقال لهم العباس (عليه السلام): ما بدا لكم وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم. (الإرشاد: ٢/٩٠).
وهذا يدلُّ بوضوح على تميز شخصية سيدنا ومولانا العبد الصالح أبي الفضل العباس (عليه السلام)، ويكشف لنا عن قدر ما حازه (روحي فداه) من الكمالات الكبيرة، ممّا جعل سيد السادات وإمام الوجود سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) ينتدبه ويختاره لهذه المهمّة ويصطفيه لهذه القضيّة؛ لإدارة كثير من الأمور المهمة، بما فيها المهمات التي امتازت بالصعوبة التي حصلت في أرض الطف، كما لا يخفى على مَن له نوع اطلاع، فضلًا عن أهل الخبرة في ذلك.