قيم الانتماء: حياة على منهج الطاهرين

2025/02/02

49
قيم الانتماء: حياة على منهج
الطاهرين
«اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل
محمد، ومماتي ممات محمد وآل محمد» (كامل الزيارات: ص٣٣٠).. دعاء
إمامنا الباقر (عليه السلام) هذا يعكس أعمق معاني الانتماء لمنهج أهل
البيت (عليهم السلام)؛ إذ يتجسّد هذا الانتماء في الالتزام بقيمهم
والاستقامة على نهجهم..
ولكن، كيف يمكننا أن نحيا حياتهم
ونموت مماتهم؟!
يتطلب ذلك فهماً عميقاً لسيرتهم
المباركة التي تمثل نموذجاً متكاملاً للحياة الكريمة، فالسير على هذا
النهج يبدأ بتجسيد المبادئ التي عاشوا من أجلها؛ مثل العدل والإحسان
والصبر؛ إذ يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام) مشيداً بعمه
العباس (عليه السلام) إنّه كان: «نافذ البصيرة صلب الإيمان» (مقتل
الحسين (عليه السلام)، لأبي مخنف: ص١٩٠)، وهذه الصفات تمثل القيم
الأساسية التي ينبغي أن يتحلى بها المؤمن في حياته، لتحصينه من
الانحراف عن طريق الحق.
إنّ الانتماء الحقيقي إلى أهل البيت
(عليهم السلام) يتطلب التفاعل الجاد مع تعاليمهم، فالانتماء ليس مجرد
ادعاء أو عاطفة، بل هو سلوك يظهر في كلِّ تفصيلة من تفاصيل حياتنا..
والالتزام بقيم الصدق، والعفاف، والعدل، هو دليل حي على هذا الانتماء،
إذ يقول الله تعالى: ﴿قد أفلح من زكاها﴾ (الشمس: 9)،
وهو ما يدل على أهمية تزكية
النفس لتحقيق الاستقامة.
ولكن، يبقى السؤال: كيف نرفض أيّ سلوك
يؤدي إلى انحراف قيم الانتماء؟
تكمن الإجابة في: بناء يقين داخلي قوي
ينبع من العلم والمعرفة بسيرة أهل البيت (عليهم السلام)، فمثلاً،
صلابة إيمان العباس (عليه السلام) كانت نتيجة يقينه الراسخ ووعيه
العميق بمبادئ الدين، وهذا الوعي يمكن أن يتحقق عبر قراءة السيرة
المباركة والتأمل فيها، إذ روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
أنّه قال: «كُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِغَيْرِ السِنَتِكُمْ؛
لِيَرَوْا مِنْكُمُ الوَرَعَ والاجْتِهَادَ والصَّلَاةَ والخَيْرَ؛
فَإِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ» (الكافي: ج٢/ص٧٨)، في إشارة إلى أهمية أن
تكون أفعالنا هي التعبير الأصدق عن انتمائنا.
إنّ المجتمع الذي ينتمي بصدق إلى أهل
البيت (عليهم السلام) سيكون قادراً على مواجهة التحديات الاجتماعية
والأخلاقية بثبات، وهذا ما أكده الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله:
«ألا وإن الدعيَّ ابنَ الدعيِّ قد ركز بين اثنتين، بين السِّلَّةِ
والذِّلَّةِ، وهيهاتَ مِنّا الذِّلَّة، يأبى اللهُ ذلك لنا ورسولُه
والمؤمنون، وحجورٌ طابت وطهُرت، وأنوفٌ حمِيّةٌ ونفوسٌ أبيةٌ مِن أن
تؤثرَ طاعةَ اللئام على مصارعِ الكرام» (اللهوف في قتلى الطفوف:
ص٥٩).
ولكي نحيا حياتهم ونموت مماتهم، لا
بدّ من أن نبدأ من أنفسنا، وإنّ بناء مجتمع ملتزم يحتاج إلى أفراد
يجسّدون قيم الانتماء في حياتهم اليومية.. فالخطوة الأولى تكمن في
محاسبة النفس يومياً؛ للتأكد من أن سلوكاتهم تعكس تعاليم أهل البيت
(عليهم السلام).
بالالتزام بقيمهم وتجسيد سيرتهم..
يمكننا أن نحقق التوازن بين الحياة الروحية والعملية، ونصل إلى حياة
تغمرها البركة واليقين.
✍️ أفياء الحسيني
__________________________________________
نشرة الكفيل /نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ،
والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ
بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد
1006.