الإمام الجواد (عليه السلام) مرآة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)
2025/01/13
35
الإمام الجواد (عليه السلام) مرآة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)

إنّ حياة ومقام الإمام الجواد (عليه السلام) تعدُّ من القضايا المهمة والعظيمة في تاريخ الإسلام، وكذا تفاصيل سيرته العطرة، والأمر اللافت فيها أنّ جميع ما كان متوافراً من علوم ومعارف عند الأنبياء السابقين (عليهم السلام)، قد اجتمع واكتمل في شخصية خاتم الأنبياء المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله)، ومن بعده الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) الذين يمثلون انعكاساً لهذا الوجود الشريف ومرآته.
ومن بين هؤلاء الأئمة الطاهرين، يبرز مولانا محمد ابن علي الجواد (عليه السلام)، الإمام التاسع، بمكانة استثنائية، تتجلّى عظمة مقامه في كونه في سن السابعة، وقد حمل مخزون العلوم الإلهية والنبوية السابقة. والملاحظ في حياته الشريفة أنّ صغيراً في السابعة من عمره يحمل مثل هذا الثقل العلمي والروحي؛ إذ يتحدى الفهم العادي، وكذا يدل على مقام خاص منحه الله تعالى له.
لقد كان الإمام الجواد (عليه السلام) مصداقاً لقوله تعالى: ﴿سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي العَالَمِينَ﴾ (الصافات: 79).
وهنا إشارة إلى أنّ سلام الله وبركاته ورضوانه كانت عليه منذ صغر سنِّه، ولم يكن متوقفاً على العمر أو التجربة في نظر الله سبحانه وتعالى الذي يرفع ويختار خلقه بحكمته.
والإمام الجواد (عليه السلام)، وصل إلى مقام الإمامة الرفيع، الذي يعدُّ في مصافِّ مقام النبوة بالنسبة لنبي الله إبراهيم (عليه السلام)، بل متجاوزاً مراحل النبوة والخلة، وصولاً إلى إمامةٍ تُعيّن بأمر الله. إنّ هذا الارتقاء الروحي والعلمي منذ الطفولة يعدُّ معجزة إلهية تعكس مقامه العظيم.
ومثلما استطاع نبي الله عيسى (عليه السلام) أن يحيي الموتى بإذن الله، كذلك كان الإمام الجواد (عليه السلام)، يمتلك من المكانة الروحية ما جعله يبلغ مراتب عليا في سن مبكرة، مما يؤكد على عظمته ومنزلته السامية؛ كإرجاعه البقرة إلى الحياة، كما ذكر في (الثاقب: ج18/ ص503)، وإرجاعه البصر إلى المكفوف كما ذكر في (دلائل الإمامة: 311).
إذاً، مقام الإمام الجواد (عليه السلام) يعبر عن مرتبة علمية وروحية عالية جداً، فيها يتجلّى كرم الله واختياره لأهل بيت نبيه (صلى الله عليه وآله) معقلاً للعلم والتقوى والهداية للإنسانية، وهذا المقام يعرفنا أنّ القرب من الله والارتقاء في مدارج العلم والإيمان لا يقيد بزمان أو سنٍّ معين، بل بالقلب والروح الطاهرة التي تُعطى لمن اختارهم الله ليكونوا منارات الهدى.

✍️ الشيخ حسين التميمي

__________________________________________

نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1003.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا