دور الإمام السجّاد (عليه السلام) في النهضة الحسينية
2024/08/03
52
دور الإمام السجّاد (عليه السلام) في النهضة الحسينية

إن للإمام السجاد (عليه السلام) دوراً كبيراً في النهضة الحسينية وما بعدها، فقد مرّ عليه ما مرّ على العائلة، عائلة سيد الشهداء (عليه السلام)؛ من حالة السبي والانتقال من مكان إلى مكان آخر، ومارس دوره (عليه السلام) في كربلاء عندما أمر العائلة الكريمة بعد أن استشهد أبوه (عليه السلام) بأن تفرّ بالبيداء حفاظاً عليها؛ لأنها أصبحت بلا أي مأوى، وأيضاً ذهب إلى الكوفة أسيراً بمقتضى الوضع الخارجي، وأيضاً تكلّم محاولاً أن يبيّن أحقية سيد الشهداء وأهل البيت (عليهم السلام) عموماً في هذا الأمر، وأن الذي جرى هو مظلمة قادها الخليفة في ذلك الوقت إضافة إلى ولاته، وحدث ما حدث، ثم أيضاً بقي على هذا الإصرار إلى أن ذهب إلى الشام، وأمام مجلس طاغية عصره بيّن بشكل صريح وفصيح مَن هو؟ ومَن هو أبوه؟ ومَن هو جدّه؟ وطبيعة الانتماء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وآل بيته (عليهم السلام).
وهذه الخطبة تعتبر من المواقف المهمة في إكمال قضية عاشوراء والإمام (عليه السلام) بعد هذه الجلبة، إلى أن رجع إلى المدينة ولخّص المطلب حينما سأله البعض -عندما رأوه قد جاء وحيداً وقد فقد أباه، وفقد عمه، وفقد إخوته- عن الانتصار؟ ومَن هو الذي يعتبر المنتصر؟ فأجاب الإمام (عليه السلام) بجواب مختصر وبليغ واستشرف المستقبل بقوله: 
«إذا سمعت المؤذّن ستعرف مَن المنتصر».
وهذه نكتة في غاية الأهمية، وفي غاية الوجازة، وهي أن هذا الأذان ما زال موجوداً، وهو الذي من أجله قاتلنا، فالطرف المقابل لم يكن مهتماً بالأذان، وإنما كان ينازع من أجل دنيا زائلة، في حين نحن لا نرتبط بهذا العالم، فنتعامل مع هذا العالم بما هو تأسيس، إنما جئنا من أجله عنوان؛ وهو عنوان: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله).
واقعاً تعامل الإمام السجّاد (عليه السلام) مع هذا الظرف الخاص الذي مرّ به سيد الشهداء (عليه السلام)، تعامل مع هذا الموقف العاشورائي، وأسّس أساساً للتعامل مع المشهد الكربلائي العاشورائي، وبادر الإمام السجّاد (عليه السلام) إلى إحياء ما يتعلّق بأبيه، سواء كان إذا تجدّد العاشر من محرم في السنة القابلة، أم ضمن الممارسات اليومية، مذكّراً ومنبّهاً على أهمية ما جرى..
فعندما نتعامل مع الإمام السجّاد (عليه السلام) نتعامل معه بصفته شاهداً وعنصراً مقوّماً لواقعة الطف، فلم يكن شاهداً في معزل عن الواقعة، وإنما كان عنصراً مهماً، وابتدأ دوره الشريف بمجرّد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) ومارس دوره، سواء كان مع العائلة؛ أي في كربلاء بعد الشهادة، أم في الكوفة، أم في الشام، أم بعد رجوعه إلى المدينة.
هنا بدأت الحالة الثانية في حياته (عليه السلام)؛ وهي حالة الإشباع الفكري والأخلاقي والمعرفي؛ من خلال اتصاله بالآخرين عن طريق هذه الممارسات الخاصة، وهي مسألة الدعاء، فإننا في كل مقدّمة نتطرّق إلى دعاء من أدعيته، للتنبيه على عظم الصحيفة السجادية، هذا التراث العظيم المخزون عندنا، ونحن مسؤولون، لا عن حفاظه من جهة طبعه فقط! وإنما نحن مسؤولون من جهة التعامل مع ما جاء في هذه الصحيفة بشكل واقعي وبشكل عملي، ولا بد من أن تكون هناك بصمة واضحة لكل مَن يرتبط بسيد الشهداء (عليه السلام)، أن يرتبط بالإمام زين العابدين (عليه السلام)؛ لأن هذا المشهد مشهدٌ واحدٌ ومكمّلاته بعد مجيء الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى كربلاء قد أفرز هذه الحالة، حالة الصحيفة السجادية.

(انظر: الخطبة الدينية للسيد أحمد الصافي (دام عزّه)، بتاريخ: 22/محرم/ 1439هـ)
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا