القضية المهدوية لا خلاف
فيها
إنّ قضية الإمام المهدي (عجّل اللهُ
فرَجَه) وظهوره في آخر الزمان من القضايا الواضحة التي أجمع عليها
علماء الإسلام كافة، على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم.. مستمدين إجماعهم
مما توافر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيها، مما لا يدع
مجالاً للشك ولا يتسنى لأحد الإنكار أو المناقشة فيه، مع نقطة خلاف
واحدة بينهم وهي: ولادته (عليه السلام) ونسبه الشريف.
فقد أجمع المسلمون الإمامية الاثنا
عشرية على أنّ المهدي الموعود (عليه السلام) هو الإمام الثاني عشر
من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد كانت ولادته المباركة أواسط
القرن الثالث الهجري، وهو الابن الوحيد للإمام الحسن العسكري (عليه
السلام)، وأنه حيٌّ موجود بين ظهرانينا إلى أن يأذن الله تعالى في
ظهوره ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.
بينما أنكر غير الإمامية ولادته
وحياته، مع اعتراف الكثير منهم بوجود ولدٍ للإمام الحسن العسكري
(عليه السلام)، (وأنه أبو القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه
خمس سنين، لكن الله آتاه فيها الحكمة، ويسمى
أبو القاسم المنتظر)، كما صرح بذلك
ابن حجر في الصواعق المحرقة وغيره.
ولقد اتسمت فكرة الإمام المهدي
(عجّل اللهُ فرَجَه) لدى الإمامية بالأصالة والعمق، وذلك بارتباطها
الوثيق بنظرية الإمامة الإلهية عندهم، وما يحوطها من حجة واضحة..
وليست هذه الفكرة وليدة العصور المتأخرة أو أنها نشأت من فراغ مفروض
لدى الشيعة، كما يتصور ذلك البعض، بل إنها فكرة يمتد تاريخها إلى
عصر الرسالة المجيد، وكما أكدته النصوص المتكاثرة عن الأئمة
الطاهرين (عليهم السلام) الذين هم عِدل القرآن الكريم، وهم والكتاب
عِدلان لا يفترقان.
ولم تسلم هذه الفكرة -على قوتها
وأصالتها- من شبهات تحوم حولها، كما لم يغفل أئمةُ أهل البيت (عليهم
السلام) ذلك، بل تنبأت به النصوص عنهم، وأكدوه لشيعتهم وحذروا منه
أصحابهم وخاصتهم في عشرات من النصوص المباركة، منها:
ما رواه الكليني (رحمه الله) في
(الكافي: ج١/ص٣٣٦) بسنده عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه
السلام) أنه قال: «إذا فُقد الخامس من وُلد السابع، فالله الله في
أديانكم لا يزيلكم عنها أحد. يا بُنيّ، إنه لا بد لصاحب هذا الأمر
من غَيبة، حتى يرجعَ عن هذا الأمر مَن كان يقول به، إنما هو محنة من
الله عز وجل امتحن بها خلقَه. لو علم آباؤكم وأجدادُكم ديناً أصحَّ
من هذا لاتّبعوه».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة
العباسية المقدسة/ العدد 979.
العفاف من أبرز أمثلة الجهاد في الحياة