الإصغاء في الدين
2024/02/16
282

إن الإصغاء لا يقتصر على السمع فقط، بل يشمل جميع الحواس والعواطف فكم من الصعب الإصغاء إلى التقوى التي تمنعنا عن فعل كل ما هو قبيح بحق البشرية وبحق ديننا، وكم من الصعب الإصغاء إلى النفس اللوامة، أو صوت القلب المؤمن المسلم لله تعالى أو صوت الروح الطاهرة في أعماق نفوسنا ،لكنه ليس مستحيلا.

فديننا الإسلام يحثنا كثيرا على الإصغاء إلى هذه الأصوات العذبة، وهو الاستماع لكل كلام يراد به نفع النفس البشرية المسلمة والمؤمنة بالله تعالى مع الالتزام بطاعته وطاعة رسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين والابتعاد عن نواهيه، فكما ذكرنا هنالك أصوات للتقوى والنفس اللوامة والروح المؤمنة والروح الطاهرة، وهي كلها أصوات مجردة غير محسوسة ماديا، تدور في النفس والعقل والروح الطاهرة، ولا يصغي لها إلا من كان مؤمنا حقا، وهنالك بالمقابل أصوات محسوسة مادية يحثنا الله عز وجل وإسلامنا على سماعها..

في مقدمة الأشياء التي أمرنا ديننا أن نصغي لها هو القرآن الكريم كلام الله عز وجل حيث قال تعالى في كتابه الكريم:﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾..
وقد نبَّه القرآن الكريم إلى ضرورة حُسن الاستماع قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألْبَابِ﴾.

ثم الاستماع الى كلام النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكل كلامه لنا بما يأمرنا به ويرشدنا إليه، وما يشيرعلينا بسماعه والإنصات إليه، و كذلك كلام أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم والذي ما يزال ينقله لنا المنبر الحسيني،  بصوت الخطيب أو الواعظ أو كل مؤمن حقيقي موال، ومنه المجالس الحسينية وقصائد العزاء لأثرها الكبير في تربية نفوسنا تربية دينية صحيحة..وأيضا مما يحثنا يبحانه وتعالى عليه هو الإصغاء إلى صوت العقل فقد قال الله تعالى: ﴿أفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.

ماهي الأمور التي تشكل خطورة على الإصغاء في ديننا الحنيف؟
لاشك أن الغيبة مذمومة ومحرمة ومجرد سماعها محرم بل ينبغي الإعراض عنها حال سماعها، فكيف بالإصغاء لها، كذلك الاستماع إلى الكلام البذيء والغير لائق وإلى ما يسيء إلى مؤمن وعرضه دون رد هذا الكلام، بالإضافة إلى الإصغاء إلى مفشي الأسرار دون رده عن فعله الخسيس، والإصغاء الى النميمة والوشاية بالناس، دون التريث والتماس الأعذار.

كذلك الإصغاء إلى لهو الحديث ومنه الغناء والموسيقا الصاخبة المطربة، وهنالك إصغاء يشكل خطورة على ديننا ويهدد إيماننا وهو الإصغاء للشبهات في الدين، لاسيما في عصرنا الحديث عصر البدع، والمبتدعين وفي ذلك علينا اتباع قول  الإمام علي (عليه السلام): "أصل الحزم الوقوف عند الشبهة"، تحف العقول.

وقد علمنا ديننا آداب الاستماع وهو الإنصات ومتابعة المتحدِّث وعدم مقاطعته، فهذا من قبيل الاحترام والتقدير، ولنا في رسولنا (صلى الله عليه وآله وسلم) أسوة في ذلك، فما قاطع مُتحدِّثًا قط حتى مع المخالفين له في الرأي والاعتقاد، كان يصغي لهم، وبعد أن ينتهوا، يَردُّ عليهم بما يُناسِبهم، لكن مع الأسف غالبية مجتمعنا، لا يهمهم ما يقول الطرف الآخر بقدر ما يهمهم أن يكونوا هم المتكلمين، والماسكين بدفة الحديث والحوار، ولايتركون مساحة للإصغاء ولو لدقيقة، وهذا يرفضه ديننا فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "إيّاكم والمراء والخصومة، فإنّهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت عليهما النفاق"، المصدر الكافي. 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج إصغاء ورحلة بناء - الحلقة السادسة - الدورة البرامجية 77.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا