الدعاء الى الله
2024/02/06
282

عن بريد العجلي في حديث له حيث قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أيهما افضل في الصلاة كثرة القرآن أو طول اللبث في الركوع والسجود في الصلاة؟ 
فقال (عليه السلام): كثرة اللبث في الركوع والسجود في الصلاة أفضل، أما تسمع لقول الله عزوجل حيث قال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}، وقد عُنيَّ هنا بإقامة الصلاة طول اللبث في الركوع والسجود والدعاء..

وأما تتمة الحديث السابق حينما أكمل السؤال قائلا: فأيهما أفضل كثرة القراءة أو كثرة الدعاء؟
فقال (صلى الله عليه وآله): كثرة الدعاء أفضل، أما تسمع لقول الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله): {
قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ }.   

حقيقة الدعاء..
الدُّعاء من أقوى الأسباب في نجح المطلوب، وأعظمها في نيل المقصود، ومن أشد روابط القرب الى المعبود، ولا يخلو كتاب إلهيّ من الحثّ عليه، بل تجد في آيات الكتاب العزيز تحريض للدُّعاء بأسلوب بليغ، يُشعر بالعطف والحنان والمحبّة، وترغيب الإنسان بالوصول الى الفيض المطلق وغاية الكمال حيث قال تعالى: {ادعوني استجب لكم}..
وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: {ولا تمل من الدعاء فإنه من الله بمكان}

كما أن فيه نحو تعليم للناس، بأن شأن العبد بالنسبة إليه عزوجل هو الدُّعاء، وقد وعد تعالى الإجابة إن كان الدُّعاء جامعا للشرائط، حيث قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.

من آداب الدعاء هــــي:
الأدب الأول: التضرع ورفع اليدين.
قبل الحديث عن كيفية التضرع إلى الله عند الدعاء، لا بُدّ من بيان مفهوم التضرع إلى الله، فالتضرع لغةً هو الطلب بخضوع واستكانة وذل، وأما التضرع شرعاً فهو دعاء الله تعالى وسؤاله بخشوع وإظهار المسكنة والفقر والحاجة، وقد أمر الله عزوجل بها، فقد قال سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ..
وورد عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): "ما بسط عبد يده في الدعاء إلا استحى الله أن يرها صفرا حتى يجعل فيها شيء من رحمته وفضله فإذا دعا أحدكم فليمسح بيديه رأسه ووجهه".

كيف ترفع اليدين؟
تختلف طريقة رفع اليد بحسب مضمون الدعاء المتوجه به إلى الله تعالى، وقد أشارت إلى تفصيل ذلك الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): "الرغبة.. تبسط يديك وتظهر باطنهما، والرهبة.. تبسط يديك وتظهر ظهرهما، والتضرع.. تحرك السبابة اليمنى يميناً وشمالاً، والتبتل.. تحرك السبابة اليسرى ترفعها في السماء رسلاً وتضعها، والابتهال.. تبسط يديك وذراعيك إلى السماء، والابتهال حين ترى أسباب البكاء".وليس من الآداب أن يرفع الداعي بصره إلى السماء، حيث روي أنّه مر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "غضّ بصرك، فإنّك لن تراه".

الأدب الثاني: الصلاة على النبي الأعظم وآله صلوات الله عليهم اجمعين:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾، وسيلتنا النبي الأعظم محمد وآله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): «ما يزال الدعاء محجوبا حتى يُصلى على النبي محمد وآله».

الأدب الثالث: الدعاء للمؤمنين:
الدعاء في المحراب يربيك على الروح الاجتماعية فمن قدم أربعين مؤمنا استجيب له، وروى الإمام الحسن الزكي (عليه السلام): «ما رأيت أعبد من أمي فاطمة كانت إذا قامت إلى صلاتها لا تمتثل حتى تتورم قدماها من طول الوقوف بين يدي ربها وما رأيتها دعت لنفسها قط وإنما تدعو للمؤمنين والمؤمنات فأقول لها أماه فاطمة لم لا تدعين لنفسك فتقول: بني حسن الجار ثم الدار».

الأدب الرابع: الإقرار بالذنوب:
سُأل الإمام الصادق عليه السلام: سيدي هناك آيتان في القرآن اقرأهما واطلبهما فلا أجدهما؟
قال: ما هما؟
قال قوله تعالى: ﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ وأنا أنفق ولا أجد خلفا!
قال: أرأيت أن الله يخلف وعده؟
قال: لا..
قال عليه السلام: إذن من أكتسب المال من حله وأنفقه في حقه فما أنفق درهما إلا خلفه الله عليه.
وأما الآية الثانية قال قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، وأنا ادعوه ولا يستجيب لي دعائي فأين معنى هذه الآية؟
قال عليه السلام: من دعا من جهة الدعاء استجيب له.
قلت: وما جهة الدعاء يا سيدي؟
قال عليه السلام: إذا أردت أن تدعو فاذكر الله ثم تمجده وتحمده ثم تذكر نعمه ظاهرة وباطنه فتشكر عليه ثم تصلي على محمد وآل محمد ثم تقر بذنوبك ثم تستغفر منها فإذا دعوت كذلك فقد دعوت من جهة الدعاء».

ومن آداب الدعاء مواطن الدعاء، قد يكون موطن الدعاء زماناً كليلة القدر، يوم عرفة، وقد يكون موطن الدعاء مكاناً فإن الأمكنة والبقاع تختلف.
ومن مواطن الدعاء ضريح الإمام الحسين (عليه السلام)، قال الإمام أبو جعفر (عليه ‌السلام): «إنّ الحسين صاحب كربلاء قتل مظلوما مكروبا عطشانا لهفان، فآلى اللّه على نفسه أن لا يأتيه لهفان ولا مكروب ولا مذنب ولا مغموم ولا عطشان ولا من به عاهة، ثم دعا عنده، وتقرب بالحسين بن علي (عليه‌ السلام) إلى اللّه عزَّ وجلّ إلاّ نفّس كربته، وأعطاه مسألته، وغفر ذنبه، ومدّ في عمره، وبسط في رزقه».

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج زاد الآخرة  - الحلقة الثالثة - الدورة البرامجية 77.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا