الغضب والتوتر من أبرز ظواهر مرحلة المراهقة
2019/10/12
406

إنَّ من أبرز الظواهر في هذه المرحلة ظاهرة الغضب والتوتر التي نراها عادة تظهر على المراهقين، وتكون سبباً لانزلاق الكبار إلى التوتر بالمقابل لإسكات الطرف الآخر، ولكن خبراء التربية ينصحون بتوخي الحذر لضمان سلامة الكبار والصغار معاً، وذلك من خلال خطوات أهمها:-

1- دراسة أسباب الغضب ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة، ومعالجة تلك الأسباب التي من أهمها الغضب المتولد عن الجو الأسري المشحون بالمشكلات والشجار والنزاع الدائم؛ مما يولد عند الشباب ظاهرة التوتر والانفعال؛ لما يراه أمامه من مشاحنات دائمة، فالمربي الحليم والرحيم يؤثر بطريقة غير مباشرة في الشاب الذي أمامه، ويجعله هادئاً أو على الأقل يجعله متحكماً بنوبات توتره.

2- التعرف من قبل المربي على طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها الشاب وفهمها فهماً صحيحاً، فالشباب في هذه المرحلة يحصل عندهم الكثير من التغيرات النفسية والجسدية والعقلية، مما يؤثر في سلوكهم.

كما ينبغي على المربي أن يتعرف إلى طبيعة التغيرات العقلية التي يمر بها الشاب والتي تؤثر في سلوكه، ففي هذه المرحلة يبدأ الشاب بإدراك المفاهيم بصورة مختلفة عما كان يدركها وهو طفل؛ إذ تصبح المفاهيم أنضج لديه، ويصبح الشاب قادراً وميالاً إلى نقد ما يراه أمامه، فهو على العكس من طفولته التي كان يتلقى بها الأمور بالقبول والطاعة، إذ غالباً ما يظهر عليه الكثير من الاعتراض أو النقد لما حوله، فلا ينبغي أن يكون هذا الاعتراض أو النقد مصدراً لإثارة المربي.

3- مراعاة مسألة ميل الشباب إلى الجدال والمحاججة، وهذا الميل له أسبابه النفسية عند الشباب؛ إذ أنَّهم في هذه الفترة من العمر تصبح لديهم قدرات جديدة، فتبرز عندهم الدوافع لاستخدام تلك القدرات المكتسبة، إذ يصبح الشاب في هذه الفترة قادراً على تنظيم الحقائق والأفكار، ويصبح قادراً على صياغة القضايا والدفاع عنها، فيبدأ باستخدام تلك القدرة ليتدرب عليها ويتقنها ومن ثم يطمئن على امتلاكه لها، وهذا يتطلب من المربي الكثير من الصبر ومحاولة الهدوء أثناء محاورة الشباب، وأن يتجنب الهجوم على شخص الشاب، لأنَّ ذلك سيدفعه إلى الدفاع عن نفسه، وبالتالي يظهر عناداً ومكابرة، وفي بعض الأحيان يترك ذلك آثاراً سلبية في نفس الشاب، ويؤدي به إلى التقوقع على الذات والانطواء؛ لشعوره بعدم محبة الآخرين له، وعدم تقبلهم له، فالحل يكمن في يد المربي بإظهار الاحترام والتقدير لآرائه، وعدم التسفيه والسخرية والاستهزاء، ومحاولة إقناع الشاب إنَّ اختلاف الآراء أمر طبيعي، ولكنه لا يفسد الود ولا المحبة، ويتطلب من المربي حسن الاستماع للشاب وإشعاره بأنَّ كلامه يحمل محمل الجد والتقدير والاحترام، وقد علمنا النبي(ص وآله) حسن الاستماع حتى للكافر عندما يتكلم، والانصات إليه إلى أن يفرغ من كلامه؛ كسباً لقلبه، ومحاولة منه لجره للاستماع إليه مقابل إنصاته.

4- محاولة المربي اكتساب أدوات جديدة في التعامل مع الشاب، وذلك بما يتناسب مع سنه وميله إلى استقلالية الشخصية، فبدلاً من أسلوب الأمر والنهي ينبغي أن يستبدل المربي هذا الأسلوب بأسلوب الحوار في محاولة للوصول إلى الهدف، فالشباب في هذه المرحلة من العمر لا يحبون الأوامر ذات الطابع الاستبدادي التسلطي، ويشعرون بالمرارة إذا ما شعروا بأنَّ غيرهم يفعلون ذلك تجاههم، فلا بدَّ من استخدام أسلوب الطلب بلين وأدب؛ كي يشعروا باحترام الآخرين لهم.
5- مساعدة الشاب على اختيار الصحبة الصالحة، فالمرء على دين خليله، وكثيراً ما يكتسب المرء من خليله صفاته وأخلاقه، لذلك قال رسول الله(ص وآله): «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالِل»[1].

6- احترام خصوصية الشاب وعدم الإكثار من التدخل في خصوصياته؛ لأنَّ ذلك يغضبه، ومساعدته على تحقيق أهدافه ورسمها؛ كي يكتسب التفكير الإيجابي ويبتعد عن التفكير السلبي الذي يولِّد الانفعال والغضب، ويتطلب ذلك من المربي توجيه الشاب توجيهاً صائباً مع الحفاظ على خصوصياته؛ لينشأ معتزاً بذاته دون مغالاة في الحماية أو الإهمال.

7- توجيه الشاب إلى العبادة، فهي تهذب الكثير من الاضطرابات الانفعالية والانحرافات السلوكية، فالعبادة تقرب المرء من الله تعالى، وتجعل نفسه تصفو وتهدأ وتطمئن، وهذا بلا شك يؤثر في السلوك فيُقوَّم ويتحسن شيئاً فشيئاً إلى أن يعتاد المرء عليه.

8- لا بد من تعليم الشباب أسلوب إدارة الغضب على ضوء القرآن الكريم والسُّنة النبوية وسيرة أهل البيت(ع)، فإن لاحظ المربي انفعالات متكررة دون سبب موجب لها، عليه أن يذكِّر الشاب أو الشابة بفضل الحلم وسعة الصدر وكظم الغيظ، وأن يذكِّره بالنماذج الراقية والعظيمة التي جمعت هذه الخصال الأخلاقية العظيمة من قبيل المواقف التي مر بها النبي الأكرم(ص وآله) مع بعض الأشخاص في جاهليتهم الأولى، والمواقف التي مر بها أئمة الهدى(ع) مع من ألحق بهم الأذى، وكيف أبدوا الحلم وكظم الغيظ ومبادلة الإساءة بالإحسان، والأهم من كل ذلك كيف أنَّ المسيئين ندموا على أفعالهم وكرروا المقولة الشهيرة: «الله أعلم حيثُ يجعل رسالته».

كانت هذه أبرز الخطوات الواجب اتباعها في التعامل مع المراهقين، وبالوقوف على هذه الخطوات نكون قد أدركنا جيداً دورنا ومسؤوليتنا تجاه الأبناء في هذه الفترة، وبالتالي سيكون باستطاعتنا تفهم واستيعاب تصرفاتهم التي قد نراها غير محبذة، بل ويمكننا الحد منها إذا تمكنا من معالجة هذه الظواهر بحكمة وعقلانية.
 

 

 

 

 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1) أصول الكافي 2/ 573.
المصدر:  برنامج على أعتاب المستقبل- الحلقة الثانية - الدورة البرامجية 27

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا