المنطقة الحرة
2022/09/28
375

كثيراً ما يكون هنالك تفاوت بين كثير من المعطيات والمراحل والأماكن والقيم، فعلى سبيل المثال: ما بين الفضائل والرذائل قد يكون هنالك خيط رفيع ولكن الفرق شاسع كما هو الحال بين الشجاعة والتهور، أو بين الكرم والتبذير، أو بين الحلم والجُبن، وهكذا..
هذه الفوارق قد تسري في أمور أخرى كدرجات الألوان، فالأبيض قد يكون ناصعاً، أو قطنياً، وقد يكون حليبياً..
ويطلق على الحد الفاصل بين هذه المعطيات المنطقة الحرة، والتي يستطيع كل شخص أن يقف فيها للمراقبة، والمطلوب منا هنا: أن نتفحّص جيداً قبل أن نشخّص، وأن نزن قبل أن نحدد، وأن ندبر قبل أن نقدّر..
فما نظنه صحياً قد يكون خطأ فادحاً تجاه الصحة، وما نظنه نفعاً قد يكون ضرراً جسيماً، وما نراه جميلاً قد يكون قبيحاً، والعكس في كل ما سلف وارد الحدوث.

إن الباري سبحانه وتعالى لقد أكرم الانسان بجوهرة ثمينة لا يمكن أن تُقدّر بثمن، ألا وهي العقل، فبها يستطيع الإنسان أن يميز كل ذلك، وبه يسلك الطريق اللائحة والسبيل الواضحة، التي تقوده الى النجاة من جانب، والى نيل المكرمات والغانمات من جانب آخر..   
لقد نقل لي أحد الشباب فقال: في حفل التخرج الذي أقامه مجموعة من شباب الكلية، وكان من المقرر أن نجمع مبلغاً من المال، للحفلة والطعام والعصائر..
فجمع الطلاب (700) الف دينار، عندها بادرتُ بمقترح لتغيير الروتين الجاري في حفلات التخرج فقلتُ لزملائي: لم لا نقيم حفلاً لمجموعة من الأيتام ونكرمهم ببعض الهدايا والمال.. فاستحسن الفكرة معظم الطلبة !! وعارض البعض الآخر، ولما سمع بعض الأساتذة الكرام بالفكرة، شاركونا في مشروعها، وقد جمعنا أكثر من مليون دينار وكان ذلك أجمل حفل وكنا فخورين بأنفسنا، فقد أدخلنا السعادة على أكثر من (20) طفل وطفلة..
ولم يكن أسعد منهم إلاّ نحن الطلبة والمشاركين.  

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 519.
الشيخ علي السعيدي

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا