المراهق بين الانحراف والاستقامة
2020/03/16
342

تعد مرحلة المراهقة من اخطر المراحل التي يمر بها الانسان بسبب التحولات البيولوجية والنفسية الكبيرة التي تستجد في حياته فمن حيث التكوين الجسدي، تحدث تغيرات واضحة في الجسد وتتغير نبرات الصوت، ويبدأ المراهق يتابع ويراقب هذه التغييرات بصمت أو بأسئلة خجول عن أسباب التغيير إضافة الى كيفية التعامل مع هذه التغييرات وفي الوقت نفسه تحدث تحولات في طرق التفكير والنظرة الى الحياة وغالبا ما تكون الحماسة والقرارات المتعجلة مرافقة لهذه المرحلة بسبب عدم الانضباط او الطيش او تنامي العاطفة على حساب العقل والتفكير السليم الامر الذي يتطلب تدخلا مباشرا من لدن الأبوين او المحيط العائلي والمدرسي وسواه.

المراهق كما تشير الدراسات وتأكيدات المختصين بالاجتماع غالباً ما يكون أرضاً خصبة للانحراف والسبب أنه يدخل العالم في عمره هذا بجسد يطفح بالغرائز وطبيعة نفسية مندفعة تفرضها طبيعة المرحلة، هذا الوضع الحساس لحياة المراهق (من كلا الجنسين) يتطلب متابعة متواصلة ورقابة جيدة (سرية ومعلنة)، من لدن الأبوين أولاً ثم المحيط المدرسي ثانياً وذلك من أجل تقليل فرص الانحراف الى أدنى حد ممكن.

أختي العزيزة في عالم اليوم (العالم الألكتروني) وانتشار وسائل الاتصال الحديثة لاسيما الجهاز النقال بمواصفاته التي تتسارع وتتضخم وتتعدد على نحو عجيب أصبحت السيطرة على نزعات المراهق ونشاطاته أكثر حاجة مما كان عليه مراهقو عالم الاتصال الرديء أو البطي، والسبب يكمن هو السرعة الهائلة لانتقال المعلومات، ولجوء المراهقين (بدفع من رغباتهم) الى استخدام الجانب السلبي من وسائل الاتصال لذا اصبحت المراقبة والمتابعة والتوجيه أمراً لا مناص منه وقد سأل أحد الدارسين مراهقاً عن معاناته في عالم اليوم، فقال ببساطة وبصورة مباشرة: هناك آباء وأمهات يمنعون أولادهم وبناتهم من التعامل مع أجهزة الاتصال الحديثة، خوفاً من الانحراف، ومع هذا المنع هناك إجبار أو قسر على التوجّه الأخلاقي والديني بالقوة أي من دون اللجوء الى أسلوب الاقناع والمعرفة المسبقة لذا يقول المتخصص في الدراسة أن نسبة كبيرة من المراهقين يفلتون من المراقبة في حالة إجبارهم على عدم التعامل مع أجهزة الاتصال والانترنت.

      أما كيفية اتباع الأسلوب الأنسب للتعامل مع المراهقين من كلا الجنسين، فنؤكد على أهمية الاعتدال وتقديم الاقناع والتوضيح على المنع فضلاً عن ذلك إن الانسان بطبيعته يلهث وراء كل شيء يُمنَع عنه فكيف بالمراهق الذي يكون مستعداً أصلاً للانحراف والانجرار وراء السلوكيات الغريبة لذلك لابد أن يلجأ الأب والأم مع الولد والبنت إذا كانا في مرحلة المراهقة، الى أسلوب التعاون والتفاهم والتوضيح والمساعدة كبديل عن الإجبار والمنع والقسر وهي أساليب لم تعد تجدي في عالم ينفتح على بعضه بأقصى سرعة ممكنة.

فضلاً عن ذلك نؤكد على أولوية دور الجهات الرسمية في معالجة الأخطار التي قد يتعرض لها المراهقون في حالة الاهمال فلابد أن تكون هناك خطط حكومية خاصة بكيفية التعامل مع هذه الشريحة في المجتمع وكيفية استيعاب طاقات المراهقين التي تصبح دافعاً مهما للانحراف في حالة الإهمال الحكومي أو المدرسي أو العائلي.

أخيتي.. لقد انتشرت وسائل مساعدة للانحراف تتيح للمراهقين فرصاً كثيرة نحو السقوط، والزلل والوقوع في براثن الانحراف مقابل تقلّص كبير لفرص الاستقامة هذا الحال يتطلب جهداً مضاعفاً من لدن المعنيين (حكومة، عائلة، مدرسة، دائرة عمل) من أجل توفير فرص الاستقامة للمراهقين ونعلم أن هذا الأمر في غاية الصعوبة إنه يحتاج الى جهود حكومية متواصلة، بمساعدة جهود عائلية متواصلة أيضاً، بالإضافة الى جهود المنظمات والمؤسسات المعنية بحماية المراهقين ومساعدتهم على عبور هذه المرحلة بأقل الخسائر، خدمة للفرد وللمجتمع، وتوازناً مع عالم يندفع بسرعة هائلة، الى الانفتاح، ونسف الحدود بطرق ووسائل غير مسبوقة.

فضلاً عن كل ما ذكرنا مدى تأثر المراهقين بالسلوكيات التي يشاهدونها من قدوتهم في هذه المرحلة الحرجة من العمر، حيث إن المراهق يتأثر بسرعة ويقلد كل ما يشاهد ولا يفكر في مدى صواب أو خطأ ما يشاهده.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: رحيق العفاف - الحلقة التاسعة - الدورة الإذاعية 36.

 


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا