التخويف بالله تعالى
2022-10-07 07:48:02
303

 

من الأخطاء القاتلة التي يرتكبها الآباء في حق أبنائهم.. أنهم يكرّسون في نفوسهم علاقة الرعب من الله تعالى!! فكثيراً ما يقولون لهم: لا تكذب وإلّا أحرقك الله بالنار.. لا تؤذي الآخرين وإلّا جعل الله الملائكة يضربونك باعمدة من حديد .. الخ. 
فينشأ الطفل وفي تصوّره أن الله وجود مخيف ومرعب فهو يعذب ويحرق ويقطع الاشلاء و..و.. والخطير في الموضوع أن الإنسان يترسخ في نفسه هذا التصور الخاطئ عن الله تعالى فيغدو لا يأتي بالعبادات إلا خوفاً، ولا يترك المحرمات إلّا رهبة من العقاب دون شوق ومحبة الى خالقه..

إنّ هذه العلاقة لا يرتضيها الآباء لأنفسهم مع أبناءهم الذين لم يخلقوا منهم شيئاً.. فلو أن والداً أو والدة علم أن إبنه لا يطيعه إلّا خوفاً من عقابه، لعدّ نفسه من الخاسرين الفاشلين في التربية!!
فكيف يرضى ذلك للعلاقة بين ابنه وربه!! وهو الرؤوف الرحيم.. منبع كل خير ومحبة الذي لم يمنعه كثرة ما يصل إليه من ذنوب أن يستمر في عطائه لنا، متأملاً أن نعود الى حضرته المقدسة.. رغم أن عودتنا إليه لا تزيد في ملكه حبة خردل..
إذ ورد عن أبي جعفر(عه) قال: «إن الله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها» (الكافي: ج2/ص436). 

سبحانك يا إلهي ما أشد رحمتك وحبك لنا فذاك فرِح برجوع راحلته وزاده، لأن فقدهما في الصحراء يعني موته المحقق!!
وأنت تفرح برجوع عبدك التائب لأن رجوعه يعني سعادته المحققة.. فأيّ خسران يصيب الإنسان أعظم من أن تنتهي حياته دون أن يتحوّل من مرحلة إطاعة الله خوفاً من عقابه، إلى مرحلة إطاعة الله حباً له وحياء منه.

فيا رب ارزقنا حبك وحب من أحبك، فإن ذلك نعمة عظمى لا تنال إلّا بفضلك وجودك يا حبيب قلوب العارفين.. واجعلنا منهم وإن لم نستحق ذلك، فأنت أهل لذلك بحق محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام.

 

________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 595.
الشيخ رمزي الگرعاوي 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا