تدخين الأطفال بين مراقبة الآباء ووعي المجتمع
2021-12-18 09:21:53
447

غالباً ما تساورنا تساؤلات عن السبب الذي يجعل شخصاً بالغاً ناضجاً يستمتع بالتدخين رغم وعيه الكامل بخطورة التدخين وضرره، لكن ذلك لا يمنعه من الكف عن استنشاق هذا الدخان السام الذي لا يلوث البيئة فقط، وإنما يلوّث دمه، ويؤدي به الى الموت البطيء، لكن الصدمة الكبرى حينما تتكون أمام البصائر صورة طفل، وهو يلاعب السيجارة بفمه كأي لعبة من اللعب التي يلعب بها أقرانه، فكان حري بِنَا أن نفهم تلك الظاهرة المخيفة والمرعبة حتى نقع على طرق الوقاية من هذا الهول المرتقب.

مما لا شك فيه أن بداية صلة هذه العادة السيئة مع الأطفال، تبدأ في الغالب من الأسرة حين يكون الأب أو أحد أفراد الأسرة من المدخنين، فتغدو صوره التدخين عادة براقة في ساعات يومه، وهو مازال صغيراً غير قادر على تشخيص الفرق بين البريق والحريق.
يرى في الوالد مع السيجارة صورة الرجل المهيب الذي يحلم أن يكون مثله دون ان يفصل بين شخصية الأب والسيجارة؛ لأنه يعدها مكملة لتلك الصورة المثالية من الرجولة.

وما يعززها أكثر، هو عدم قدره الأب على نصح الأبناء بأضرار التدخين؛ خوفاً من سؤالهم عن سبب إدمانه لها، فيخلق ذلك فجوة بين الآباء والأبناء يصعب تقليصها بالنصيحة والحوار.

الأمر الآخر الذي يسهم في انتشار التدخين بين الأطفال، هو تأثرهم بمشاهد أبطال الأفلام والمسلسلات وحتى بعض الألعاب الالكترونية التي باتت تؤثر في هذا الجيل بشكل لافت ليكون تقليدهم الأعمى بداية الادمان، فهم لا يَرَوْن بالتدخين الجمرة التي تستعر في الأبدان بل قوة خارقة تشبع رغبتهم بالمغامرة، وتجربة كل ما هو جديد عليهم.

ولا يخفى علينا تأثير رفقة السوء التي تزيد من انحراف الأبناء عن السلوك السوي من خلال تشجيعهم عَلى اقتراف هذه العادة الذميمة، وكأنها عادة يمكن بسهولة الإقلاع عنها وقت ما شاء، وهم غير مدركين لضررها النفسي والصحي وكذلك المادي.

لكن يبقى نصح الآباء ومراقبتهم هو بداية نهاية هذا الخوف كخطوه أولى يجب أن يحرص الآباء على النزول إلى مستوى فهم الطفل، وأن يحاولوا قدر الإمكان فتح حوار بنّاء معهم والإنصات لإجاباتهم للوصول الى حلول مرضية مشتركة دون التركيز على الضرر الصحي البعيد الأمد فقط.

ويمكنهم تدعيم هوايات الأطفال، واشغال أوقات فراغهم بالرياضة، أو بما هو مفيد لهم؛ لأن أغلب حالات الانحراف والادمان تأتي من الفراغ، إضافة الى السعي في مشاركتهم في حملات توعية وإرشاد، وخاصة في المدارس بخطورة التدخين، وأضراره، وتكون تلك الحملات بالتنسيق مع ادارات المدارس والأهل للوصول للهدف الأسمى.
وأخيراً، ولكي ينعم أطفالنا بمجتمع صحي وسليم، يجب على الجهات المعنية بالقرار أن تضع بعض القوانين والتشريعات، تفرض على التجار عدم المتاجرة بالمواد الممنوعة والمضرة بصحة الأطفال واليافعين، لحماية بناة المستقبل.

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: صدى الروضتين(
صحيفة عامة مستقلة نصف شهرية تصدر عن قسم الإعلام في العتبة العباسية المقدسة)/ شعبة الإعلام-العدد394.
زبيدة طارق.



تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا