أخلاقيات مهنة التعليم
2021-04-19 09:47:16
428

إن لكل مهنة في المجتمع الإنساني مستمعاتي قواعد أخلاقيات لا بد من مراعاتها والالتزام بها من قبل الأفراد المنتسبين لتلك المهنة، لأن ذلك يساعدهم على السير قدماً نحو تحقيق  النتائج المنشودة بكفاءة وفاعلية.

وتعد أخلاقيات مهنة التعليم من أهم الموجهات المؤثرة في سلوك المعلم لأنها تشكل لديه رقيباً داخلياً، ويقوِّم أداءه وعلاقاته مع الآخرين تقويماًً ذاتياً يعينه على اتخاذ القرارات الحكيمة التي يحتاجها ليكون أكثر انسجاماً وتوافقاً مع ذاته ومع مهنته ومع الآخرين.

وإن الالتزام بتلك الأخلاقيات أخواتي أمر ضروري وواجب، إذ يتحدد مقدار انتماء المعلم لمهنته بموجب درجة التزامه بقواعد تلك المهنة ومراعاتها في جميع الأحوال والمواقف.

إن المعلم يدرك أنَّ الرقيب الحقيقي على سلوكه بعد الله سبحانه وتعالى، هو ضمير يقظ وحس ناقد، وأنَّ الرقابة الخارجية مهما تنوعت أساليبها لا ترقى إلى الرقابة الذاتية، لذلك يسعى المعلم بكل وسيلة متاحة إلى بث هذه الروح بين طلابه ومجتمعه ويضرب المثل والقدوة في التمسك بها وإن إعداد ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم يعد إنجازاً مهماً ومدخلاً قيماً في خضم تطوير العمل التعليمي، وتنبع قيمة هذا الميثاق من كونه مستمداً من العقيدة الإسلامية التي تدعو إلى مكارم الأخلاق، قال تعالى في وصف نبيه الكريم "ص": (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وكما أن على المعلم واجبات فإن له حقوق؛ فالمعلم كالسراج الذي يستضيء به طلابه وما أجمل هذا التشبيه من الإمام الباقر(عليه السلام) حيث يقول: (العالم كمن معه شمعة تضيء للناس، فكل من أبصر بشمعته دعا له بخير).

وفي معرض حديثنا عن حقوق وواجبات المعلم لا يمكننا أن نقفل عن ما سطره الإمام زين العابدين (عليه السلام) في دستور الحقوق الإسلامي  المعروف "برسالة الحقوق" حيث خصص من ضمن الحقوق حقاً خاصاً للمعلم جاء فيه:

(وأما حق سائسك بالعلم: فالتعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الإستماع إليه والإقبال عليه والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم بأن تفرغ له عقلك وتحضره فهمك وتزكي له قلبك و تجلي له بصرك بترك اللذات..

لقد أورد الإمام (عليه السلام) في هذا النص ثمانية عشر حقاً للمعلم ليجعل من هذا النص نصاً مثالياً لا تضاهيه النصوص بأجمعها في عظم وفضل حقوق المعلم ليكون هذا النص منطلقاً لمعرفة حقوق المعلم و مادة أساسية في تنظيم حقوقه.

إذن للمعلم حقوقاً كثيرة كما أوردها الإمام (عليه السلام) ليس على المتعلمين منه فحسب بل على المجتمع ككل؛ فالمعلم بطلابه يبني المجتمع ليرقى به نحو الرفعة والعلو فهو مصدر الوعي الذي يستمد منه للنهضة العلمية والحضارية في كافة العلوم والمجالات كل معلم في مجاله وتخصصه وبجهودهم العلمية والفكرية تبنى الحياة وتزدهر البلاد وتستنير العقول.

ولقد ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) في فضل المعلم وتعليمه للعلم أحاديث كثيرة منها ما ورد عن الإمام الباقر(عليه السلام): (إن الذي يعلم العلم منكم له مثل أجر المتعلم و له الفضل عليه فتعلموا العلم من حملة العلم و علموه إخوانكم كما علمكموه العلماء).

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج قبل بلوغ الساحل-الحلقة الثانية-الدورة البرامجية62.


 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا