البدانة عند الأطفال والمراهقين
2021-01-04 12:00:00
262

عُدت الطفولة بمنزلة المهد الأساسي لنشوء البدانة "السمنة" التي تشكل في الحقيقة ذلك المرض الغذائي الاكثر تواتراً في عالم اليوم ، ويشمل ذلك الطفل الموجود في كل المجتمعات "المتقدمة والنامية" حيث ترتفع نسبة تفشيها لاكثر من 10% عند الاطفال والمراهقين المعاصرين.

لقد احتلت البدانة ومنذ فترة قليلة الاولوية في الاهتمام بالصحة العامة حيث تم الاعتراف بها حالياً كمرض لا كعامل خطر فحسب ،بخاصة وان الامر قد يتعقد مرضيا على المدى القصير والطويل حين يصيب القلب والشرايين والتنفس والعظام، وبالتالي قد تكون انعكاساته خطيرة جداً، كما يتبين يوما بعد يوم في ضوء الدراسات المتعددة التي تتم حديثاً حول هذا الموضوع.

لقد شكلت البدانة وهي إحدى اضطرابات السلوك الغذائي تحدياً حقيقياً للصحة العامة نظراً لتزايد نسبة انتشارها وبشكل متزايد، فلقد كشفت الدراسات الحديثة أن أولى ركائز الأمراض القلبية والسكري من النمط الثاني تظهر عند معظم الاطفال المصابين بالسمنة قبل مرحلة البلوغ كما كشفت هذه الدراسات عن وجود العديد من المؤشرات وعوامل الخطر الدالة عن قرب ظهورها  من الممكن بالتالي معالجة هؤلاء الأطفال وهم لا يزالون في مرحلة بدء ازدياد الوزن قبل تفاقمه بشكل مفرط لديهم.

وتبدو السمنة اليوم ذلك المرض الغذائي الأكثر تواتراً في العالم وهو يشمل الجميع وبخاصة الطفل والمراهق وفي كل المجتمعات المتقدمة والنامية على السواء، أن هذه البدانة تنطوي على عوامل تعريض جوهرية بالنسبة للأمراض الخطيرة بحيث تزداد مشاكل التعريض لفقر الدم والسكري وامراض القلب بالنسبة للأفراد ذوي الوزن الزائد، وتذكر بعض الدراسات ان الخطر يبدا بالتزايد بمجرد حدوث 5% زيادة في الوزن ، فالطفولة مرحلة بناء والسمنة الظاهرة قد تكون مؤشراً على وجود اضطراب نفسي اكثر خطورة، فمن المهم عدم الانتظار واستشارة طبيب الطفل ما أن يتم الشك بذلك، اما تشخيص حالة الطفل فيتطلب تحليلا دقيقا وعليه يتوقف التدخل العلاجي ،لذا يجب التركيز على كل ما من شانه المساعدة في التعرف على حيثيات الاضطراب عند الفرد المصاب: العوامل الوراثية المحتملة، السلوك الغذائي، نمط التمرين الذي يمارسه..
ولكي نعرف السمنة نقول: أنها ذلك الإفراط في حجم الدهون عند الطفل كما عند الراشد مع الفارق الأساسي التالي بين الإثنين يتطور حجم الدهون هذا مع نماء الطفل.


إذن، لنتعرف الآن الى أبرز العوامل التي تتفاعل مع بعضها لحدوث السمنة:

إن البدانة ترتبط باختلال ميزان الطاقة بمعنى أن ما يصرفه الجسم من طاقة هو أدنى من تلك التي يحصل عليها عن طريق الغذاء فتميل دفة الميزان لصالح التخزين، ثم أن الانماط الجديدة من الأطعمة "اطعمة ذات سعرات حرارية غنية بالدهون ومحلاة بالسكر فقيرة بالخضار والثمار" من العوامل الاساسية التي تسبب نسبة الوزن الزائد والبدانة لدى الجمهور العام، فمثلاً في التسعينيات كان هناك اعتراف عام بوجود عوامل متعددة تسهم في حدوث البدانة: فالوراثة والثقافة والسلوك الشخصي وعوامل اخرى كلها مؤثرة، وهناك عوامل بيئية يتقاسمها الطفل مع عائلته وقد تكون متنوعة: مستوى اجتماعي اقتصادي منخفض عند الاهل لا يسمح بتامين غذاء متنوع ، طفل لوحده في البيت عند العودة من المدرسة، وفاة قريب، انفصال الاهل ، استخدام الطعام كاستجابة او كتعزية، ولادة طفل جديد، سوء معاملة "عنف" والعوامل الاجتماعية "تتضمن التمييز ،الرفض من قبل الاقران، الضغوط الاجتماعي المعززة للاستهلاك الغذائي" هذا بالإضافة الى عوامل جينية تكوينية وأخرى ما بعد التكوين، ويشار أيضاً الى أن الألم النفسي – مرضي قد يشكل سببا نتيجة او مجرد ارتباط مع السمنة، وقد يسبق ظهورها أو قد يسهم في نشوئها وقد يكون ثانوياً.
ينبغي تمييز البدانة عن الافراط في تناول الطعام وعن ازياد سرعة الاستهلاك الغذائي مع عمليات المضغ الاقل طولاً والأقل عدداً وعن الاستهلاك المتكرر لكميات صغيرة من الغذاء خارج اطار الوجبات، وأخيراً عن سلوكيات التقييد الغذائي التي تشمل عمليات الحمية الغذائية.

وبعد كل ما ذكرناه يجب تحسين العادات الغذائية؛ حيث أن الهدف الأساسي ليس الوقاية بل تعزيز الإحساس عند الفرد بأنه على ما يرام وذلك من خلال:

- تناول ثلاث وجبات في اليوم مع وجبة خفيفة عند العصر، منع القضم الدائم والمشروبات الحلوة المذاق ، خفض كمية الاطعمة الغنية بالدهون.
- تناول خمس حبات من الخضار والفاكهة في اليوم ،تشجيع الطفل والمراهق على صعود الدرج عوضاً عن ركوب المصعد مثلا، الذهاب مشياً على الاقدام حين لا تكون المسفات الواجب قطعها طويلة، عدم السماح بقضاء وقت طويل أمام التلفزيون وألعاب الفيديو لأنها تشجع على عدم الحركة ، المساعدة على تنويع أوقات الفراغ والتركيز على نشاطات تتميز باستهلاك الطاقة، مراقبة شهرية للوزن، وتزويد الطفل وحتى الأهل بمعلومات حول التغذية الصحية، وباختصار يجب تقديم غذاء سليم ومنوع من حيث الغنى بالدهون.

إن العلاج يجب ان يكون مبكرا قدر الامكان متى ما بدأت زيادة الوزن بالظهور عند الطفل.

وخلاصة القول: يزداد انتشار البدانة بشكل عام حالياً ويشمل ذلك الطفل والمراهق لكن ينبغي عدم الإفراط في الاهتمام الطبي بها سلباً أو إيجاباً وإن كان التنبه إليها بشكل مسبق هو أمر في غاية الأهمية، اذ يمكن الكشف المبكر عن الحالات المعرضة للإصابة بها ومحاولة علاجها قبل تفاقم الأمر، ونردد دائماً بأن "الوقاية خير من العلاج".

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج دروب معبدة -الحلقة الأولى.

.



تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا