تنمية القيادة لدى الأطفال
2020-11-30 12:00:00
419

القيادة كما هو معروف هي ملكة ترؤس وتوجيه المجموعات، وتؤتى إما بالقوة والسطوة، وإما بالمقدرة والحكمة، والقيادة بالنسبة للطفل هي شكل من أشكال حب السيطرة والظهور، وقد تبدأ روح القيادة عند الطفل في المنزل، حيث يفرض سيطرته على إخوته، ويلقي عليهم الأوامر والتعليمات، أما بسبب أنَّه أكبرهم في حالة غياب الأب، أو لشعور في داخله بأنَّه أقدرهم، ويجب عليهم الانصياع له، أو لأنَّ والده قد كلفه بذلك.

إنَّ روح القيادة عند الطفل شيء محمود إذا لم تتجاوز حدودها بالسيطرة والعنف، فالقياديون الصغار تماماً كالقيادين الكبار، فمنهم من يسوس بحكمة العقل والشعور بالمقدرة على ذلك، ومنهم من يسوس بالقمع والقوة.

سمات القيادة لدى الصغار

1- قد يشعر الطفل بأنَّه الأقوى بنية، وعليه فإنَّه يعتقد أنَّ هذه السمة تخوله أن يسيطر على أشقائه سواء في البيت أو الملعب أو المدرسة.

2- قد يكون الطفل متمتعاً بذكاء وحكمة وموهبة يفتقر إليها الأطفال الآخرون، وفي هذه الحالة سيقبل الأطفال قيادته لهم دونما عصيان أو رفض، ويرون فيه قدوتهم.

3- قد يكلف الطفل بهذه المهمة سواء من والده في المنزل أو مدرب الرياضة في الملعب، أو معلم صفه، فيجعل منه عريفاً على الطلبة، وبتكرار هذه التكليفات فإنَّها ترسخ شعور القيادة لدى هذا الطفل المكلف وتصبح صفة ملازمة له، وفيما بعد يقبل زملاؤه بها.

4- قد تلجأ مجموعة من الأطفال إلى اختيار رفيق لهم يرون فيه قدوة، وذا مقدرة على قيادتهم، وهذه المقدرة لا تتوفر في أحد منهم، ويقول مختصو تربية الأطفال إنَّ هذه هي أفضل أنواع القيادة؛ لأنَّها منحت للطفل القائد ديمقراطياً من أقرانه.

إنَّ النزعة إلى السيطرة وحب الظهور، هي نزعة فطرية لازمت الإنسان منذ نشأة الكون، فكان هناك رؤساء القبائل وأمراء الأرض في المجتمع الزراعي، والمخاتير في المجتمع القروي، وهذه صفات مقبولة إذا كانت تعنى بشؤون المرؤوسين وتحقق أحلامهم، والطفل بطبيعة تكوينه كإنسان ليس بعيداً عن حب نزعة الرئاسة والقيادة، وهنا لا بد من ترشيد هذه النزعة وتنميتها إيجابياً، وتحبيبها إلى المرؤوسين باعتبارها شكلاً من أشكال التنظيم والانتظام الاجتماعي بين الأطفال، ويجب على الأب أو المدرب الرياضي أو معلم الصف أن يعملوا على أن تكون هذه القيادة قهرية على الآخرين، بمعنى أن يخلقوا شعوراً من القبول لها من قبل الأطفال الآخرين، بحيث تسود روح الألفة والرضا بين الطفل القائد وأقرانه، وعلى المربين بكافة مواقعهم أن يراقبوا هذا الطفل القائد بحيث لا يتسلط على أقرانه، وأن تكون قيادته لهم مقبولة ومرضية، وأن يعمل المربون على خلق روح تقبل النقد والتوجيه لدى الطفل القيادي، ولا بأس لو قام المشرفون على الالتقاء بهذه المجموعة من الأطفال في تدريب ديمقراطي والاطلاع على رأيهم في قيادة زميلهم لهم، سواء قيادة كرة القدم في المدرسة أو اللجان التي تشكلها المدرسة ضمن النشاطات اللامنهجية، ويجب أن يعمل المربون على صقل موهبة القيادة لدى الطفل المكلف بها.
هل تعلمين عزيزتي إنَّ القيادة عند الأطفال إذا ما روقبت ووجهت تؤتي أكلها، بحيث ينشأ هذا الطفل وينمو ويتطور حاملاً في فكره مفهوم القيادة، فالقيادة شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي الذي لا بد منه.

والسؤال هنا هو: كيف ننمي القيادة لدى أبنائنا؟

إنَّ المعرفة البسيطة بالأمهات والآباء تبين لنا أنَّ معظمهم يطمحون إلى تنشئة أبناء أسوياء على كافة المستويات منها الذهنية والاجتماعية والنفسية، ولكننا نجدهم في غالب الأحيان يستثمرون أوقاتهم ومجهودهم وطاقاتهم بالتركيز على تنمية الجوانب الذهنية، وتحديداً التحصيلية، ولا يكرسون وقتاً أو مجهوداً كبيراً في تنمية الطفل بشرياً، وتطوير قدراته الشخصية ليصبح شخصاً يتحلى بسمات حيوية وذات أهمية، والتي من خلالها سينجح في تحقيق النجاحات الباهرة حقاً.
ونجد أنَّ الآباء والأمهات يكونون على رضى تام إن كان الأبناء قادة وزعماء في مدارسهم وبين زملائهم وأصدقائهم، والجدير بالذكر أنَّ هذا الرضى يأتي في الغالب بسبب أنَّ سمة القيادة تجعل الأبناء بارزين، ومحط أنظار المحيطين بهم، وبالتالي فسيشكلون مصدر فخر واعتزاز للأهل.
إنَّ سمة القيادة هي إحدى السمات الهامة جداً والتي نتمنى أن يتحلى بها معظم أبنائنا خاصة في زماننا هذا، ذلك أنَّ هذه الصفة تساعد الأبناء على النجاح في كافة الأصعدة بحيث أنَّها تؤهلهم ليكونوا أصحاب شخصية قوية قادرة على اتخاذ القرارات، وتحدي العقبات التي تعترض طريقهم، وما أكثر هذه العقبات في أيامنا هذه التي تريد أن تسوق جيلاً كاملاً نحو اتجاهات محددة غالباً ما تكون منافية لشرعنا، ومخالفة لعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة؛ لذا فمن الضروري خاصة في هذا الزمان أن نعمل وبكل جد وجهد على إعداد جيل قائد؛ لنزرع فيه القدرة على الثبات، وامتلاك المؤهلات الضرورية للحفاظ على هويته وهوية أمته.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج المثل الأعلى-الحلقة الخامسة.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا