كيف تنشئ طفلاً لديه قيم إدارية؟
2020-10-24 12:00:00
349

قد يتساءل بعضنا كيف ننشئ طفلاً لديه قيم إدارية، وما أهمية تنظيم الوقت عند الطفل؟ والجواب على ذلك هو أنَّ أهم شيء معرفة متى نعلّم الطفل المهارات وكيف نعلّمه إياها؟

من خلال الدراسات النفسية تبين لنا أنَّ 90% من شخصية الطفل تتشكّل في السنوات السبع الأولى، حيث يتشكّل عند الطفل المفهوم الذاتي الذي فيه التقبل والإدراك والقيم، وهي أهم السنوات في عمر الإنسان على الإطلاق، ومن الممكن تعليم الناس كيف ينظمون وقتهم ويتخذون القرارات ويعتمدون على أنفسهم في سنوات متقدمة من العمر، لكن تعليم إنسان تجاوز السبع سنوات يحتاج إلى رغبة وليس من السهولة تشكيل رغبات داخلية، ونحتاج إلى اتخاذ القرار أي أنَّه يريد التغيير كما نحتاج إلى الفعل والمهارة والالتزام والاستمرارية والطاقة والتوقع الإيجابي، لكن الطفل لديه كل هذه المقومات في السنوات السبع الأولى، فلديه حب الفضول والاكتشاف، وكثرة الحركة تعبّر عن هذه الرغبة، فهو يريد أن يتعلم اشياءً جديدة، وتوقعات الطفل كلها إيجابية، ومن المهارات التي يحتاجها الطفل هي الاعتماد على الذات، لكن علينا -أيَّتها الأمهات- أن نسأل سؤالاً هاماً وهو: هل أعطيت للطفل الفرصة ليمارس قوة الاستقلال والاعتماد على الذات؟

إنَّ هذه المهارة تبدأ في أول سنتين من عمر الطفل، فهو يريد أن يأكل بمفرده، وأن يلبس ملابسه دون مساعدة، وهذه بدايات تشكيل المهارة، وهي الاعتماد على الذات، وأيضاً مهارة حل المشكلات، فالطفل في هذا العمر يريد أن يحل مشكلته بنفسه، ويريد حل جميع المشكلات التي تواجهه دون تردد وبأي وسيلة كانت ودون الاعتماد على الآخرين، وبعض الآباء يخطئون حينما يركّزون على أشياء يمكن تعلّمها بعد السنوات السبع الأولى مثل الحفظ، فلا تتشددي عليه كثيراً.

أيَّتها الأم، اجعلي طفلك يحفظ ما تيسر له من القرآن أو الأحاديث والأدعية دون أن تركّزي عليه؛ لأنَّ التركيز الأساسي يجب أن يكون على تعلّم المهارات، حيث يوجد الكثير من المهارات التي لا يمكن تعلمها إلّا بهذه السن، ومنها الجرأة والشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار والثقة بالنفس والصورة الايجابية عن النفس والتقبل الذاتي.

أما المرحلة العمرية من «7 - 18» سنة، ففيها تتشكل 10% من شخصية الإنسان وهي ليست قليلة، ففيها يمكن إعادة تشكيل شخصية الابن عن طريق الإقناع واللين والتفاهم، ويمكن فيها كذلك تقويم شخصية الطفل بتعديل بعض الخصائص القابلة للتعديل، هذا هو الشق الأول من بناء شخصية الطفل وهو متى؟
أما الشق الثاني وهو كيف ينبغي أن أعلِّم ابني كيفية اتخاذ القرار؟ وكيف يؤمن بكيفية اتخاذ القرار والاستقلالية والاعتماد على الذات، والأهم هو كيف أعلم ابني القيم؟ وهل سأستغرق سنة كاملة في تعليم ابني قيمة الوقت؟ وماذا يعطيني الوقت؟

هناك بعض المفاهيم الهامة في قيمة الوقت ومن هذه المفاهيم هي أهمية الوقت، المحافظة على الوقت، السعادة التي يسبّبها احترام الوقت، الوقت بالنسبة للمسلمين مهم جداً؛ لأنَّه يدخل في عقيدة الإنسان المسلم الناجح، الوقت كالسيف، والوقت جزء من حياتك إما يقودك إلى النجاح أو الفشل، فدعي ابنك يحب الوقت، ويحترمه.

نعتقد أنَّ السلوكيات السلبية المنتشرة في عالمنا العربي هي بسبب المعتقدات، فيجب أن نؤمن -أيَّتها الأخوات- أنَّ الوقت ثمين ويجب المحافظة عليه وعدم إضاعته، ثم يأتي دور السلوك وهو الدور الأسهل والأبسط؛ لأنَّ الإنسان عندما يؤمن ويشعر بقيمة الوقت لن يضيعه في أي شيء آخر تلقائياً، ويكون مبرمجاً على احترام الوقت وتنظيمه واستغلاله في خدمة أهدافه وتحقيقها، لذا فالذين يدخلون دورات تنظيم الوقت، هم يأخذون جداول قد لا تنفعهم؛ لأنَّهم بالأساس لا يشعرون بقيمة الوقت، وقد تتساءلين أيَّتها الأم الفاضلة: كيف أوفِّق بين القيم والمهارات المختلفة؟ وكيف أعلم ابني قراءة كتاب لوحده وفي نفس الوقت أعلّمه مشاركة الآخرين والاختلاط بهم؟ فالمطلوب هو التوازن بين الانطواء والتقوقع من جهة وبين الجماعات من جهة أخرى، فيجب على الطفل أن تكون لديه مهارات اجتماعية للتواصل مع الآخرين وكذلك مهارات ووقت للتأمل الذاتي والقراءة والتفكير والاسترخاء، وهذه من سمات الناجحين، أي أن تكون لديه لحظات اختلاء مع الذات.
دعي ابنك لوحده دون إزعاج حتى ولو لبضع دقائق، فكذلك كان أعظم القادة والعظماء وهم الرسل، فقد كان نبينا إبراهيم الخليل(ع) يتأمل في النجوم يومياً، وموسى(ع) ذهب إلى جبل الطور وكان يتأمل، والرسول الأكرم(ص وآله) اختلى في غار حراء، وكان يقضي الليالي يتعبد ويتأمل في خالق الكون، وهناك نزل عليه الوحي، ومن المهم إبعاد الطفل قدر الإمكان عن ألعاب الكمبيوتر؛ لأنَّها تعلم الطفل الإتكالية والسهولة في الحياة، فكل شيء بضغطة زر، وكذلك تؤصل العنف والإحباط الذاتي؛ لأنَّ الطفل يصنع لنفسه بطلاً بضغطة زر، فإما أن يقتل أو يفشل، لهذا فألعاب الكمبيوتر أخطر من التلفاز؛ لأنَّها تعلّم الطفل العنف والإحباط والفشل، غير أنَّ الأطفال مصرُّون دائماً على ممارسة هذه الألعاب المثيرة، والحل هو أن لا نحرمهم من هذه الألعاب بتاتاً، لكن بحدود ضيقة وبأوقات محدودة وأنواع معينة من الألعاب، ثم علينا أن ننمّي الهوايات لدى الطفل مثل الرسم والفك والتركيب والنادي العلمي أو التعامل مع الآخرين، وأن نهيئ لهم الصحبة الصالحة التي تزيد من طموحهم ومناقشاتهم، ومناقشة أقرانهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج عالم الأمومة- الحلقة الحادية عشرة.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا