الكمبيوتر والأَلعاب الإلكترونِية.. الصديق اللدود للأَطفال
2020-10-18 10:15:34
268

صارت العلاقة بين الطفل والبرامج الإلكترونية أكثر من مُهمة؛ إذ يأخذ معظم أوقاته على حساب حياته الدراسية والاجتماعية والدينية وآخرها البدنية، ناهيك أنها تمثّل ضغطاً جديداً أو إضافياً على ميزانية الأسرة التي صارت مطالبة بتأمين طلباته التي لا تنتهي؛ لتسلل الألعاب الإلكترونية في زمن الفورة التقنية إلى معظم المنازل، فتخرج علينا بمخرجات جديدة، منها من جعل الألعاب داخل صندوق التعليم، ومنهم:

الثواب والعقاب:

تجد السيّدة (وفاء إبراهيم)، مدرسة للغة العربية وأم: تعد الألعاب الالكترونية في عهدنا الحالي طفرة في عالم التقنيات الحديثة فباتت الطريقة المثالية لتطويع التعليم؛ فأُثيب مَن يحصل على الدرجات بوقت يتناسب مع اللعب والدراسة، ولابدّ من الأم أن تكون مثقفة لتعطي التعليلات الواضحة لكلّ هدف من أهداف الممولين لهذه الألعاب، فعلى سبيل المثال الألعاب ذات الطابع العنفي أحاول أن أعطي لمحه عن الفكر الغربي ومساعيه، وهنا ندخل إلى الطفل بطريقة جديدة في التعليم والتواصل بين أفراد عائلته وتكون ظلال شخصية الأم والأب مسيطرة على حياته، وبذلك يكون الطفل ليس بعيداً عن مجتمع أقرانه، وأعدّ أنّ العلاقة الطيبة بين الأم والطفل تمنح للأم أفق واسع في معرفة كيفية توجيه الطفل عن طريق الألعاب الحديثة، وأقحام التعليم في أطوار الحياة التعليمية من الأولويات، وخطوة أولى في تعليم الطفل الاختيار وآلاته التي تساهم في بناء شخصيته والاستفادة من الوقت ولتكون خطوة اختيار الألعاب من أجل تنمية سرعة البديهية والعقل للوصول إلى الحلول الجذرية والطرق الإيجابية، ولا أغفل عن مشاركة ابني في عملية التثقيف الصحي والاجتماعي لنصل إلى مرحلة الترتيب في الأهداف والواجبات، وهي الخطوات الأساسية التي تتماشى مع أهدافي في ترقيتهم الترقية التعليمية.

الترفية البريء:

وتابع (محمد مهدي المطور) ذو العشر سنوات قائلاً: إن الوقت الذي أمضيه مع الألعاب الإلكترونية ما هو إلّا الثواب الذي أحصل عليه عند المحافظة على المستوى التعليمي لي في المرحلة الدراسية، إلى جانب النصائح والمعلومات المهمة التي أحصل عليها من والدتي، وأعدّها بمثابة حافز للتعليم ونشاط للفكر والعقل بعد يوم كامل من الدراسة التي أحصل عليها خلال اليوم المدرسي، كما أنه يساهم في بناء شخصيتي وإصراري على الهدف الذي أسعى إلى تحقيقه، وأرى أنّ والدايّ راضيان عن تعاملي مع الأجهزة الإلكترونية لما يجدونه مساهماً في تطوير فكري لمادة الرياضيات، إذ  تمنحني الوقت الكافي والترويّ للخلوص إلى الهدف المنشود. 
أمّا مَن جعل الألعاب الإلكترونية خارج صندوق التعليم. 

سوق مفتوح:

فقد أشارت الأستاذة (أمل عبد الرحيم) إلى وجود خلل اجتماعي لدى بعض الأسر، والذي أسهم في انتشار البرمجيات الإلكترونية بين الشباب الذين انجذبوا إلى المخاطر التي تفرزها (الألعاب الإلكترونية) بطريقة تفاعلهم وانجذابهم من دون الاكتراث إلى سلبياتها ووضعها محطّ الدراسة، فالتكنولوجيا الرقمية التي شكّلت سوقاً مفتوحاً والتي تعرض أمامهم مختلف الألعاب سواءً ذات الأثر الإيجابي أم الأثر السلبي، وفهي تشكّل خطورة كبيرة على الأطفال في حال عدم المراقبة من الأهل، وخاصة الألعاب الإلكترونية التي تدرج تحت بند العنف، والتي تؤثر في الجانب الاجتماعي، أمّا التحصيل الدراسي فيكون الطالب فيه مربك المعلومات، وكذلك مربكاً في الإجابات التي يحتاج إليها الطالب في مراحل الدراسة إلى التركيز من دون إعمال الفكر وإجهاده بالأمور الثانوية، ومنها الألعاب الإلكترونية.

أطفال بلا طفولة:

يرى (عبد الأمير الأسدي): أن متابعة الطفل وشغفه بالألعاب الإلكترونية يعرضه إلى خلل واضح في شخصيته من خلال مشاهد العنف التي يشاهدها، والتي تزيد من مخاطر السلوك العدواني، إلى جانب الصور العنيفة التي تترك أثراً واضحاً على المدى القصير سواءً في معاملته مع أصدقائه، أم في لغة التواصل مع أفراد عائلته التي تكون مقتضبة، وبهذا يتكون جيل بلا طفولة، وفي شبابهم لا يُعتمد عليهم في الحياة.

تكاتف الجهود:

بيّنت (زهراء الحسيني) خريجة حاسبات وأم قائلةً: إنّ التقنيات الحديثة تقنية لها أكبر الأثر في جذب أنظار الصّغار والكبار، لما يحتويه عالمها  على  العديد من المؤثرات التي تؤثر في شخصية الفرد، والذي يعدّها نوعاً من أنواع التميّز، وأعدّه تميّزاً لحظيّاً لا يستند على مقومات الحياة التي عشناها سابقاً، وهو المشاركة والتميّز الجماعي على الفردي، وهنا لابدّ من تكاتف جهود الوالدين في تقويم الطفل، وهذا لا يتم إلّا عن طريق مؤسستهما (الأسرة) باختيار النشاطات التي يحتاجها الطفل في تكوين شخصيته، والتي فيطمح دائماً الوالدان إلى التميّز بأبنائهما، وهذا لا يعني أن يحرما الطفل ممّا يحبّ، وإنما يشركانه في جميع الأنشطة، ليكون شخصاً عملياً، بدلاً من أن يكون آلياً.

جرس الإنذار:

وعن سؤالنا: (هل ذكاء الطفل الإلكتروني هو ذاته الذكاء المطلق؟) أجابت الأستاذة سوسن يحي عبد الله/ اختصاصية تفوّق ومواهب:
إنّني أستطيع أن أجيب بأنّ الذكاء الإلكتروني ليس سوى جزء يسير جداً من ذكاء الطفل المطلق، فالذكاء المطلق يشتمل على عدد من الذكاءات منها: الذكاء اللغوي، والذكاء المكاني، والذكاء الاجتماعي، والذكاء الرياضي، والذكاء البيئي، والذكاء الوجودي، فهذه الأنواع المختلفة يجب أن تُنمّى في الطفل من خلال الألعاب الإلكترونية التي تمثّل خطوة من خطوات الذكاء الإلكتروني فما هو إلا قدرة الطفل على استخدام الحاسوب واللعب في برامجه، وهو جزء من الذكاءات، ويجب أن يُنمّى في الطفل كسائر أنواع الذكاءات، ولا ننسى أنّ كثرة استخدام الطفل للحاسوب حتى لو كان بمهارة عالية يفقد الطفل  نوعاً من أنواع الذكاءات مثل الذكاء الاجتماعي، ومهارات التواصل الاجتماعي؛ لأن الطفل يمضي معظم وقته مع عالم افتراضي وآلات تعمل فقط، وهذا ما قد يؤثر في شخصية الطفل وحبّه في الانزواء والابتعاد على العالم الحقيقي، ويمكن ملاحظة ذلك لدى بعض الأطفال الذين يجدون متعتهم في الألعاب الإلكترونية فقط، والذين تظهر عليهم بوادر الانسحاب والعنف؛ ليدق جرس الإنذار أمام التعامل مع مخرجات التقنية بروية وتأمل، فلابدّ من أن يولى الاهتمام من قبل المؤسسة الأسرية والمؤسسة التعليمية، وكانت مدرسة النبيّ الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله) قد أعطت درساً من دروس الاهتمام بالنشء من خلال شغل أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالفائدة، كما في السباحة، والرماية، وركوب الخيل.  

المعادلة الحسابية للألعاب الإلكترونية: 

وتجد السيّدة سكينة خليل/ إعلامية ناشطة:أنّ الألعاب الالكترونية هي المعادلة الصعبة بين السلب والإيجاب، والشر الذي لابدّ منه في أيّ منزل بعد تسارع الحالة الإعلامية كون الألعاب الإلكترونية إيجابية في حالة الفوز، وقد يكتسب منها الطفل ثقة في نفسه ويعتدّ بذاته، وقد تعلّمه بعض المهارات كالتركيز، والحساب، والكتابة، وغيرها بحسب تصنيف اللعبة ونوعها، ولكن قد يكون الأثر السلبي أوضح بكثير على سمات مدمني هذه الألعاب مثل التأخر الدراسي، والسلوك العنيف، أو تعلّم بعض الأمور الإباحية؛ فمن الضروري جداً أن يتعلّم أولياء الأمور كيفية مراقبة لهم أن يراقبوا اختيار أطفالهم للألعاب، وأن يقيّموها ويفحصوها بشكلً جيّد، ولا يمكنهم ذلك إلّا من خلال اللعب مع الطفل الذي يتيح للوالدين استكشاف مكامن الخطر، وإذا ظهر ما يمكنه أن يؤثر سلباً في أطفالهم لابد لهم من النقاش مع الطفل، وتوضيح الضرر والعواقب.

فالمعادلة الحسابية للألعاب الإلكترونية تعني أنّ 2 ساعة × 30 يوم= 60 ساعة في الشهر، ألا يستحق الطفل 15ساعة الذهني والفكري، ألا يحتاج هذا الوقت في قضائه مع العائلة للاستفادة من ما يمتلك الأبوان من خبرة وحنكة؟

الرسائل المخفية:

وأوضحت السيّدة فاطمة المهدي/ إعلامية ناشطة في مجال تطوير المجتمع من خلال ما أعدت من ورقة عمل معنونة بعنوان ضحايا الإعلام نظرة تحليلية لواقع المواد الإعلامية الموجهة للأطفال:أنّ الألعاب الإلكترونية في الظاهر بسيطة ومفعمة بالتشغيل الذهني، إلّا أنها تحتوي على خفايا باطنية تستطيع أن تؤثر في الفرد تأثيراً سلبياً بشكل غير مباشر، فالألعاب ذات خطر أكبر؛  لتفاعل الطفل مع الألعاب يكون تفاعلاً بالحواس والتفاعل الفكري، فالمواد الإعلامية تمتلك مستوى من الإعلام ويتكون بذلك نسيج من المجتمع المفكّك فيما بينه ويكون جيلاً يرضخ ولا يمتلك حقّ الاعتراض، وهذا ما يسعى له الإعلام الغربي، ويحاول زج مثل هكذا عراقيل في مجتمعنا من أجل الحصول على معادلة، شخصاً يستقبل المعلومات أكثر من إنتاجه للمعرفة، فهو درب من دروب الجنون العقلي، وهو آلة هدم لا تبني، وهو خطوة أولى لتحطيم مستقبل الإنسان العربي بجميع مراحل عمره وبجنسيه.

العالم العربي بأطفاله وشبابه يتعرّض إلى العديد من البرامج الإعلامية التي ساهمت في جذبهم لمتباعتها فنتيجة لغياب الإنتاج العربي الإسلامي لبرامج الأطفال ظهر خلل في عدّة جهات، منها الخلل الاقتصادي، والخلل في الجينات الأخلاقية، فيتأخر الإعلام العربي بمراحل ويترأس الإعلام الغربي في برمجة الفكر والعقل العربي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: مجلة رياض الزهراء(ع)- تصدر عن شعبة المكتبة النسوية في العتبة العباسية المقدسة/ العدد 109/ نادية حمادة الشمري.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا