أطفالي وسوء المقارنة
2020-08-16 10:43:47
357


إن الآيات القرآنية والروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) تهتم الاهتمام البالغ بالتربية بجميع نواحيها ولا يفرق هذا الاهتمام بين الذكر والانثى على وجه عام رغم أن لكل منهما حدود خاصة ينبغي مراعاتها في تعليمهم وتربيتهم ، وموضوع حلقة اليوم يسلط الضوء على أمر له علاقة وثيقة في بناء شخصية الابناء ألا وهو مسألة المقارنة بين أطفالنا وبين الأطفال الآخرين ولعل هذا الأمر نجده يتكرر بين كل سبعة من عشر نساء إذ إن هذه المقارنة تكاد تكون متكررة لدى الكثير من الامهات سواء كانت تعلنها أمام الطفل أو أن تقارن بينه وبين أطفال آخرين في سرها، دون أن تعلم ما لهذا الأمر من تأثير سيء على الأبناء بل يحطم نفسيتهم وتفكيرهم ويرجع بمردود سلبي على العائلة بأكملها.

وقد تعتقد بعض الأمهات للأسف الشديد إن وضع المقارنة هذا قد يرفع من همة ابنها أو ابنتها ظناً منها أنها تحفزه بهذه الطريقة في حين أنها تدمر ما فيه من مواهب وذكاء وقدرات بفعلها هذا ... كيف؟؟؟ 

إن هناك شيء في علم النفس التربوي يسمى بالرسائل السلبية التي نوجهها للطفل بغض النظر إن كانت موجهة من قبل الأهل أو من قبل المعلمين أو غيرهم، وهذه الرسائل عادة ما تكون بشكل تحقير للطفل والتقليل من شخصيته وغالباً ما يندرج هذا المفهوم تحت موضوع المقارنة إذ أن يكون تحقير لهذا الطفل مقابل الاعجاب بطفل آخر، كذلك الرسالة الثانية السلبية هي التوبيخ ويجب الالتفات الى أهمية التفريق بين التوبيخ والتنبيه فالتوبيخ يكون على الامور السيئة التي يجب عدم تكرارها أما التنبيه فهو تحذيرهم من الوقوع في الخطأ وفي كلتا الحالتين اي التوبيخ والتنبيه يجب عدم الافراط فيهما وضرب الامثلة بالأخوة الآخرين أو ابن الجيران أو أبناء الأقارب وغيرهم. 

الرسالة الثالثة التي ينبغي الاجتناب عنها هي الإهانة وخصوصاً في حضور الآخرين حتى وإن كانوا ممن هم أصغر منه سناً فالإهانة تهدم شخصية الطفل وتُخل بسلوكياته وتجعل الصحيح منها ينحرف عن مساره باتجاه الغلط. 

الرسالة الرابعة التي وصلنا إليها هي الضرب اذ ان ضرب الطفل يعد من الامور الغير صحيحة في التربية وقد نسمع من الكثيرين من يقول ان اهلنا كانوا يضربونا حتى اصبحنا ما نحن عليه اليوم هنا ... نتوقف قليلا لنقول لك عزيزتي المستمعة أن من يقارن الآن هو الطفل ... أجل إذ أنه سيقارن طريقة تعاملكم معه بالضرب والإهانة ويقارن نفسه بغيره من الأطفال الذين لم يشاهد أهلهم يضربونهم أمام عينيه وهذا ما سيسبب فجوة عميقة بين الأهل وبين هذا الطفل خصوصاً لو كان هذا الضرب مصحوباً بالرسالة السلبية الخامسة التي هي الصراخ اذ غالباً ما يصاحب الضرب الصراخ الذي قد يوصل الى حد فقدان الوعي من الخوف ومن شدة الرعب. 

عزيزتي الأم ... أختي المربية ... إن هذه الأمور الخمسة التي ذكرناها في الفقرات السابقة هي غالباً ما تكون متصاحبة مع بعضها البعض ويكون بين طيات كل واحدة منها مقارنة الطفل بغيره فهل فكرتي عزيزتي إن المقارنة في الأصل هي عدو النجاح ؟ هذا لعموم الناس فكيف إذا كانت للطفل؟ 
لنتراجع عن هذا الطبع ونبدأ بفتح صفحة جديدة نُصلح فيها ما قد يكون فسد أو عطب سابقاً، تظنين الأمر صعب قليلاً ! كلا عزيزتي ونحن معك سندلك على ما قد يساعدك..

أخواتي المهات لقد اهتم أهل البيت(عليهم السلام) بالاختلافات الطبيعية بين الافراد اهتمام بالغ وربط مصير سعادة الناس وخيرهم بالمحافظة على تلك الاختلافات كما ربط شقاءهم وهلاكهم بإزالة تلك الفوارق الطبيعية ومن الأحاديث التي ترتبط بهذا الموضوع قول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فاذا استووا هلكوا). 

وهذه إشارة يجب عدم إهمالها لأنها موجهة إلينا من أهل بيت العصمة اذ يجب علينا ترك المقارنة وأن لكل إنسان مستوى من الذكاء أو الاجتهاد كما ذكرنا لذلك ، عزيزتي كرري عبارات جميلة للطفل لأن كل طفل هو منفرد بإسلوبه وتفكيره وانظري إليه على أنه مميز وافهمي جيدا أنه ما يزال صغير ويجب عدم ارهاق تفكيره وأعصابه في سبيل إرضاء الأهل كي يكون أفضل من هذا وذاك وعلى كل أبوين أن يعلموا اطفالهم ومنذ الصغر أن الامر الوحيد الذي يجب عليهم المقارنة فيه هو بين الأمس واليوم بأن يكون ما عملوا وما قدموا كل يوم أفضل مما سبقه وهذه هي أيضاً من وصايا أهل البيت (عليهم السلام).

أيضاً إن المقارنة تضفي عليه شيء من الحزن والتشاؤم لذا إن أردنا تغيير كل ذلك ومن أجل إيجاد طفل سعيد العبي معه عزيزتي الأم كما يريد هو بغض النظر عن عمره فمهما يكبر الأبناء يبقون في عيوننا صغار، كذلك يجب عدم تصحيح أخطائه وعدم انتقاده أمام الآخرين عند وقوعه بالخطأ وهنا التركيز على عدم اللجوء الى مقارنته ظناً منكِ أن باقي الأطفال لا يخطئون، وحتى لا يصل بكِ الامر الى استعمال الرسائل السلبية التي ذكرناها عليكِ محاورته وإشعاره بنعمة وجوده في اسرته ومساعدته على ايجاد الاصدقاء المناسبين دون أن يشعر أنه أقل منهم في شيء.

وأيضاً من الأمور التي تساعده وتساعدك على تغيير السلوكيات الماضية أن تطلبي منه مشاركتك في الأعمال المنزلية لكي تزيلي الحواجز التي ربما قد تكون وجدت بينكما. 

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج صدى القلوب-الحلقة الخامسة- الدورة البرامجية54.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا