هنالك حاجات متعددة لدى الأطفال شأنهم شأن الكبار لا بد من إشباعها في الوقت المناسب وفي القدر المناسب ووفق الضوابط العرفية والشرعية وإشباعها ضمان لتمتع الاطفال بالصحة العقلية والنفسية وهي بدورها تساهم في النمو التربوي السليم الذي يجد مرتعه الخصب في الاستقرار والطمأنينة.
وأثبتت الدراسات إن الحاجات تعمل عمل الدوافع فتحركنا نحو السلوك، وفقدان إشباع الحاجات يجعل الفرد يفقد توازنه الجسمي أو النفسي والحاجة تطلق الطاقة وتضفي قيمة على الأشياء والأحداث.
ودلت الدراسات أن الأغلبية الساحقة من المجرمين يأتون من بين الاشخاص الذين عاشوا طفولة غير سليمة وأن السلوك الاجرامي ينتمي إلى شخصية مريضة عانت من حرمان عاطفي حقيقي في فترة الطفولة ودلت الدراسات أيضاً على أن الحرمان في الطفولة يعيق نمو الذكاء وأعاقة الذكاء من العوامل المساعدة على الانحراف الفكري والعاطفي والسلوكي وإذا تتبعنا منهج أهل البيت(عليهم السلام) لوجدناه يراعي حاجات الانسان وخصوصاً الطفل فلا يعطلها ولا يلفيها ولا يحملها ما لا تطيق، ويتعامل معها كأمر واقعي بحاجة الى إشباع وارتواء.
قال الإمام جعفر الصادق(ع): " ثلاثة أشياء يحتاج الناس طراً إليها: الأمن والعدل والخِصْب".
وقال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع): " اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان والثقاة الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم، وبهذه لاساعة تقدرون على الثلاث ساعات".
ومن أهم حاجات الاطفال هي:
أولاً: الحاجة الى المحبة والتقدير:
الحاجة الى المحبة حاجة ضرورية وخصوصاً في مرحلة الطفولة والحب والتقدير الذي يشعر به الطفل له تأثير كبير على جميع جوانب حياته حيث يكتمل نموه اللغوي والعقلي والعاطفي والاجتماعي ويكون أكثر تقبلاً للارشادات والتوجيهات والنصائح الموجهة اليه من قبل من يحبهم ويحبونه فيتعلم قواعد السلوك من والديه وعلى الاقل يحاول أن لا يحرجهما أمام المجتمع بسلوك شائن ومخالف للقواعد السلوكية الثابتة ويكون حريصاً على عدم إيذائهما في سمعتهما ومركزهما الاجتماعي ودلت الدراسات والأبحاث التربوية أن إشعار الطفل بالحب والحنان من أهم العوامل التي تساعده على الطاعة والانقياد للوالدين.
وفي ظل المحبة والتقدير يقلل الانسان والطفل خصوصاً من ممارسة السلوك المضاد للاسرة وللمجتمع لأن كثيراً من ألوان ومظاهر الانحراف السلوكي تحدث كرد فعل لعدم المحبوبية والمرغوبية التي يشعرها في أعماق نفسه كالسرقة والكذب والعدوان ومتابعة العثرات وبث الاشاعات التي تتوجه جميعها الى من حرموه من الحب والتقدير، وفي ظل المحبة والتقدير لا يبقى مجال للانتقام ولا للتعويض عن فقدان أهم حاجاته لأنه يتنعم بها بالشكل المطلوب.
ولأهمية إشعار الطفل بالمحبوبية بل لأهمية الحب بنفسه وردت روايات عديدة تحث على ذلك، قال الإمام جعفر الصادق(ع): " إن الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده"، وعنه(ع) قال: " قال رسول الله (ص وآله): أحبّوا الصبيان وارحموهم وإذا وعدتموهم شيئاً فأوفوا لهم ، فإنهم لا يدرون إلا إنكم ترزقونهم" ومن آثار إشباع حاجة الطفل الى المحبة والتقدير:
1- قيام الطفل بتقليد من يحبهم ويحبونه.
2- تفاعله مع الارشادات والتعاليم الموجهة اليه.
3- عدم مخالفة من يحبونه.
4- الاطمئنان النفسي والروحي وهو مرتع خصب للنمو التربوي السليم.
5- الشعور بأنه محبوب يولد في نفسه محبة للآخرين، وهذه المحبة تمنعه من ممارسة أي عمل مضاد للآخرين والاهم من جميع ذلك، إن التربية ستكون فاعلة ومؤثرة إن صدرت مصحوبة بالحب والود والتقدير ولا يجد الطفل بل مطلق الانسان أي غضاضة في أمر صادر اليه أو نهي عن ممارسة من الممارسات.
والطفل المحروم من المحبة والحنان والتقدير سيبحث عنها خارج المنزل فيقع ضحية للمنحرفين الذين يمنحونه حباً زائفاً ليوقعوه في براثن الرذيلة والانحراف ومن خلال المحبة والتقدير تشبع الحاجات الاساسية الأخرى كالحاجة الى الامن والحاجة الى الحرية والحاجة الى السلطة الموجهة.
ثانياً: الحاجة الى الرفاهية:
الانسان مخلوق مزدوج الطبيعة فهو
روح وغقل وغرائز ولهذا تعددت حاجاته الروحية والمادية ومن حاجاته في
هذين المجالين الحاجة الى الرفاهية وتزداد هذه الحاجة كلما قرب
الانسان من مرحلة الطفولة والجحداثة فهو بحاجة الى المأكل والملبس
وسائر وسائل الترفيه وبحاجة الى عصب الحياة وهو المال الذي يصرف من
أجل إشباع جميع الحاجات والحاجة الى الرفاهية خصوصاً.
وإشباع هذه الحاجات من مسؤولية
الأسرة بالدرجة الاولى وخصوصاً رب الأسرة ولهذا جاءت الروايات
الشريفة لتؤكد ذلك.
قال أمير المؤمنين(ع): " من طلب
الدنيا حلالاً تعطفاً على والد أو ولد أو زوجة، بعثه الله تعالى
ووجهه على صورة القمر ليلة البدر".
ثالثاً: الحاجة الى
اللعب:
اللعب استعداد فطري يتعدى بفعل
البيئة الاجتماعي، وقد تعددت الاراء حوله فهناك من يرى أن اللعب
غريزة وهناك من يرى أن وظيفة اللعب هي التخلص من الطاقة الزائدة ومن
يرى أن اللعب وظيفة بيولوجية هامة وهي الاعداد للعمل الجدي ومن
خلاله يكتسب الانسان المهارة ومعرفة الاشياء والشعور
بالقدرة.
ومهما تعددت الآراء إلا أنها تتفق
على أن اللعب حاجة ولا يمكن أن نتصور طفلاً لا يلعب، وللعب فوائد
متعددة للطفل وهو ضروري للطفل في جميع مراحل الطفولة وخصوصاً
المرحلة الاولى وهي مرحلة ما قبل المدرسة، والحرية في اللعب لا تعني
عدم مشاركة الوالدين أو أحدهما مع الطفل بل أن المشاركة لها نتائجها
الايجابية على الطفل، وقد دلت الدراسات على أهمية مشاركة كل أب طفله
في اللعب فهذا يساعد على تنمية مواهبه وقدراته.
وأفضل طرق المشاركة في اللعب أن يتكلم الوالدان مع الاطفال بالكلمات والعبارات التي يفهمونها والتي تتناسب مع مستواهم اللغوي والعقلي وبمعنى آخر أن يتصرف معه وكأنه طفل، قال رسول الله(ص): " من كان عنده صبي فليتصاب معه.
وأكد علماء التربية على هذه الحقيقة
وينبغي تشجيع الطكفل إن صدرت منه ممارسات واعية وهادفة ومنسجمة مع
المفاهيم والقيم النبيلة واللعب وسيلة من وسائل معرفة نفسيات
الاطفال، فالطفل من خلال اللعب يعبر عن مشكلاته وصراعاته التي يعاني
منها ويعبر عن رغباته وأمنياته ويعبر عن ميوله المكبوتة وعن رأيه
بوالديه وإخوانه والاخرين وهو وسيلة لمعرفة طاقات الطفل واستعداداته
العقلية والعلمية والاجتماعية ولهذا فإن مراقبة الأطفال أثناء اللعب
دون أن يشعروا لها نتائجها الايجابية في تشخيص أوضاعهم النفسية
والخلقية والاجتماعية والعقلية ومن خلال هذه المعرفة يتم التوجيه
والإرشاد والتربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج مرفأ الأسرة-
الحلقة الثانية عشرة - الدورة السابعة.
كيفية التقليل من إدمان الهاتف الذكي؟!
المرأة بين الزيف والضياع.. فما الحل؟!