جزاء الامتناع عن قضاء حاجات الناس
2022/01/01
396

قال مولانا الإمام الحسين(عليه السلام):"صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك فأكرم وجهك عن ردّه"
ليس بوسعنا أن نتصور مدى قبح الامتناع عن قضاء حاجة الأخ مع القدرة عليها وهو ما ورد في طائفة كبيرة من الأحاديث الشريفة كما عن مولانا الصادق (عليه السلام): "أيما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة وهو يقدر على قضائها فمنعه إياها، عيّره اللَّه يوم القيامة تعييراً شديداً وقال له: أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاءها في يديك فمنعته إياها زهداً منك في ثوابها، وعزّتي لا أنظر إليك في حاجة معذّباً كنت أو مغفوراً لك" فالذي يردّ محتاجاً قصده ولجأ إليه مستعيناً به يضع نفسه موضع المهان طالما لا يمتلك عذراً، ويبعد نفسه عن ساحة النظر الإلهي بالرأفة والتأييد له، بل يقطع ولايته باللَّه عزَّ وجلّ‏َ حينما يأتيه مستجيراً فلا يجبره، فترك إعانة المسلمين وعدم الاهتمام بأمورهم قد يكون ناتجاً عن الكسل أو ضعف النفس أو البخل أو الزهد بالثواب أو غير ذلك من الأسباب وهي بأجمعها ليست من الصفات الحسنة، والامتناع عن الخدمة هو استخفاف بآل البيت (عليهم السلام).

نعم عزيزتي فلقد قال الإمام الصادق (عليه السلام) لنفر عنده: "ما لكم تستخفون بنا؟ فقام إليه رجل من أهل خراسان فقال: معاذ لوجه اللَّه أن نستخف بك أو بشيء من أمرك فقال: بلى إنك أحد من استخف بي. فقال: معاذ لوجه اللَّه أن استخف بك. فقال له: ويحك أولم تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك احملني قدر ميل فقد واللَّه أعييت واللَّه ما رفعت به رأساً لقد استخففت به، ومن استخف بمؤمن فبنا استخف وضيّع حرمة اللَّه عزَّ وجلّ‏َ"
ها قد عرفنا مستمعتي أن من رذائل الصفات التهرب والامتناع عن خدمة خلق اللَّه تعالى مع القدرة عليها والآن نتعرف على الآثار السلبية لذلك
فعن الإمام الصادق(عليه السلام): "ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله اللَّه في الدنيا والآخرة"

إضافة إلى أنه لا يذوق طعام الجنة ولا ينظر اللَّه إليه في حاجة،  ففي الحديث: "إن خواتم أعمالكم قضاء حوائج إخوانكم والإحسان إليهم ما قدرتم وإلا لم يقبل منكم عمل".

ولابد من الإشارة إلى أن المرء طالما كان قادراً على قضاء حوائجه بنفسه فعليه عدم الاعتماد على غيره من الناس وترك الركون إليهم بالسؤال بل السعي بمقدار جهده وما التوفيق إلا من عند اللَّه عزَّ وجلّ‏َ، ولكن قد تسوقه الظروف إلى حالة يضطر معها إلى طلب مساعدة من أخ له

وحينئذٍ إذا كان لا بد من ذلك فعليه أن يحسن اختيار من يقصده طالباً منه حاجته كي لا يقع في محذور ردّه والإساءة إليه لأن الإنسان لا يملك أن يذل نفسه ويهينها ولا أن يمكّن الآخرين من إذلاله وإهانته فإذا كان الآخر عاجزاً عن تلبية طلبه عليه الحفاظ على شعور قاصده حين إبداء العجز وهذا إنما يكون في بعض أصناف الناس الذين أرشدنا إليهم أهل بيت العصمة عليهم السلام حينما بيّنوا من هم الذين ترفع إليهم الحاجة يقول سيد الشهداء عليه السلام:
"لا ترفع حاجتك إلا إلى أحد ثلاثة: إلى ذي دين، أو مروّة، أو حسب، فأما ذو الدين فيصون دينه، وأما ذو المروة فإنه يستحي لمروته وأما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك، فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك" فإذا ابتلى الإنسان بالاحتياج إلى أقرانه من بني البشر فعليه أن يكون حكيماً في اختيار الجهة التي يتوجه إليها بطلب الحاجة لأن من أغلى ما يملك الإنسان هو ماء وجهه الذي لا يقدر بثمن فعليه أن يبذله عند من يصونه.
قال الإمام علي (عليه السلام): "ماء وجهك جامد يقطره السؤال فانظر عند من تقطره"

إذاً يتبين لنا مما مر أن الامتناع عن قضاء حوائج الناس من الصفات السيئة التي ورد التحذير منها في الإسلام.
كما ويعتبر الهروب من واجب خدمة المحتاجين استخفافاً بأهل بيت العصمة عليهم السلام وتضييعاً لحرمة اللَّه عزَّ وجل.

ومن آثار الامتناع عن خدمة الناس: خذلان اللَّه في الدنيا والآخرة، الحرمان من طعام الجنة، المعاونة على الإثم، لا ينظر اللَّه سبحانه إليه في حاجة، تعييره يوم الحساب، عدم قبول الأعمال، يحشر مغلولاً، تأكله النار في قبره، يبوء بلعنة من اللَّه، والذلة في العالمين الدنيوي والأخروي، فينبغي طلب المعروف من أهله تحذراً من الوقوع في المهانة وأهله: ذوو الدين والمروة والحسب والرحمة والإيثار والشفقة من ذوي الأصول الثابتة والفروع النابتة.

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج ترانيم الغدق-الحلقة التاسعة-الدورة البرامجية66.


 

 

 

 


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا