المرأة والقرآن في شهر رمضان
2021/05/22
351

إنه القرآن، كتاب الله تعالى ووحيه المبارك .. فحياة القلوب وصحتها ونورها وإشراقها وقوتها وثباتها على حسب إيمانها بالله ومحبتها وشوقها إلى لقائه، وطاعته له ولرسوله (ﷺ)، وقد قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}  [الأنعام/ 122]، وبإعراضها عن ذكره وتلاوة كتابه يستولي الشيطان على القلوب فيعدها ويمنيها ويبذر فيها البذور الضارة التي تقضي على حياتها ونورها وتبعدها عن كل خير وتسوقها إلى كل شر، كما قال تعالى:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف:36].                                      

ومن تأمل حالنا مع هذا الكتاب العظيم يجد الفرق الشاسع بين ما نحن فيه وما يجب أن نكون عليه .. فإهمال في الترتيل والتلاوة وتكاسل عن الحفظ والقراءة وغفلة عن التدبر والعمل، والأعجب من ذلك أن نرى كثيرًا من النساء ضيعن أوقاتهن في مطالعة الصحف والمجلات، ومشاهدة المسلسلات وسماع الأغاني والملهيات ولا يجدن لكتاب الله في أوقاتهن نصيبًا، بل إن بعضهن إن قرأنه لم يحسنّ نطق ألفاظه ولا تدبر معانيه وفهم مراده، فيمررن على الآيات التي طالما بكى منها الباكون وخشع لها الخاشعون فلا ترق قلوبهن ولا تخشع نفوسهن ولا تدمع عيونهن، بل إنهن لا يفهمن معانيها وكأن أمرها لا يعنيهن..
ثم إنك لو سألتِ نفسك عن معاني الآيات التي تكررينها ولا تكررين غيرها مع الأسف لم تجدي جوابًا! فما معنى الصمد؟ غاسق إذا وقب؟ الخناس؟ سجيل؟ 
لا يجد لها جوابًا إلا القليل منا. أليس هذا هو الهجران؟ نعم هو الهجران بعينه بل هو الخسران. 

فلا تنسي قوله تعالى حاكيًا عن لسان أحد أنبيائه وهو يشتكي قومه لله تعالى فيقول: {وقال الرسول يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان/ 30]، فلنحذر من أن نكون هاجرين للقرآن الكريم ولنبدأ بعلاقة طيبة جديدة مع القرآن في هذا الشهر الكريم.

أختي الكريمة إليك بعض النصائح فيما يخص توطيد علاقتك بكتاب الله تعالى: 
اغرسي النية الصادقة والعزيمة القوية على العودة إلى كتاب الله بإتقان تلاوته وتدبر معانيه، ولا تنسي الإخلاص فهو أساس قبول كل عمل واستشعري فضل قراءة القرآن وحفظه وتذكري أن القرآن يطيب به المخبر والمظهر فتكونين طيبة الباطن والظاهر. 

لا يكن همك عدد الصفحات التي تنهين تلاوتها بل احرصي على التدبر والتفكر والخشوع أثناء التلاوة، ولكن من النساء من تقول أحب الخير وأحب طاعة الله ولكني لا أخشع حين أتلو القرآن ولا أتأثر به.. فنقول يا أخية: يقول الله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق/ 37].

إذن احرصي أثناء تلاوة الآيات على تدبرها والتفكر فيها وأن يخشع قلبك، وإن لم يحصل ذلك فاشغلي لها سمعك وإياك والانشغال عنها بأفكار أو كلام أو التفات، وأكثري من التلاوة وإذا مررت بآية وعد فاسألي الله من فضله، وبآية وعيد فاستعيذي، وبآية تسبيح فسبحي، وبسجدة فاسجدي، ولا تنسي أنك في جهاد مع نفسك واسألي الله الإعانة والهداية.

ومن كانت لا تجيد قراءة القرآن فبشرها الرسول (ﷺ) بأجر أعظم بقدر تتعتعها في تلاوة الآيات، فلا يثبطنك الشيطان عن التلاوة اختي الكريمة وإن كنتِ لا تستطيعين القراءة فاستمعي للقرآن من أي جهاز بين يديك لتنالي أجر السماع لاسيما في هذا الشهر الكريم.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "من استمع حرفاً من كتاب اللّه من غير قراءة كتب اللّه له حسنة، ومحى عنه سيّئة، ورفع له درجة".

واحرصي على تعليم القرآن لأبنائك واسعي إلى انضمامهم إلى دور وحلقات تحفيظ القرآن إذ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما من رجل علّم ولده القرآن إلا توج الله أبويه يوم القيامة تاج الملك، وكسيا حلتين لم ير الناس مثلهما". 

وليكن لليلك نصيب وافر من قراءتك وقيامك فهو وقت الأخيار وغنيمة الأبرار، واستغلي علو الهمم في هذا الشهر الكريم واحذري أن تكوني ممن يكون آخر عهدهن بالقرآن هو هذا الشهر بل اجعليه خير معين لك على نهج الصواب مع كتاب الله تلاوة وتدبراً وحفظاً.. جعلنا الله من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته. 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج حواء في شهر رمضان- الحلقة الأولى - الدورة البرامجية 63.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا