السلام عليكم..لدي استشارتين في آن واحد..الأولى أن ابنتي في المرحلة الابتدائية بدأ مستواها الدراسي يتراجع للأدنى علماً أنها كانت في السنة الماضية ذكية جداً ومتفوقة ..الان تقول أنها ليس لديها دافع للدراسة كالسابق حيث كان هدفها أن تصبح طبيبة.

اما الاستشارة الثانية فهي أنها ليس لديها رغبة في تعلم أمور دينها وكثيرا ما تجلس على جهاز الآيباد وتقلد ما يعجبها مما تراه، كيف أتصرف معها؟ مع جزيل شكري لكم.

الإجابة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اشكركم عزيزتي على اختياركم مركز الإرشاد الاسري في العتبة العباسية لطرح مشكلتكم والتي نأمل إن شاء الله تعالى في مساعدتكم على إيجاد الحلول الناجعة لها..هناك مشاكل منها:

1-مشاكل تتعلق بالطالب نفسه: وهي فيما اذا كان الطالب يعاني من مشاكل عضوية تؤثر على استيعابه وفهمه للمطالب العلمية أو مشاكل نفسية كالقلق او التوتر او فقدان الثقة أو نقصها أو لأن تفكيره منشغل بأمور أخرى (كاللعب أو بعض العلاقات غير المحبذة الخ).. تصرفه عن الدراسة وتشغل تفكيره مما يؤدي إلى عدم التوجه الى المباحث العلمية إذ يقول العلماء (لا يمكن للعقل أن يتوجه الى مطلبين في آن واحد).

2-مشاكل تتعلق بأسرته: كأن يكون الجو العائلي المحيط بالطالب جو يسوده الاختلاف والشجار والتنازع بين الأم والأب مثلا ويكون ذلك على مرأى ومسمع من الأولاد مما يؤثر سلبا على اقباله على الدراسة، أو يكون الوالدان غير متفهمين للحالة النفسية التي تطرأ على الولد جراء التغيرات الفسيولوجية في جسمه خصوصا في المرحلة العمرية للدراسة المتوسطة والثانوية ،أو أن الوالدين وخصوصا الأم تنشغل عن الاهتمام بالولد وإبداء العاطفة اللازمة والتشجيع المحفز والمتابعة الحثيثة بسبب انشغالها بالعمل مثلا او بتربية اخوته الصغار او لسبب صحي مثلا كل ذلك وغيره يولد عنده حالة من الاحباط والنفور والاعراض عن الدراسة.

3-مشاكل تتعلق بدرسه ومدرسته: وهي من الأمور التي تؤثر تأثيرا مباشرا على تقدم المستوى العلمي او تأخره إذ أن الطالب اذا لم يفهم الدرس او لم ينسجم مع فصوله لا تتولد عنده الرغبة لفهمه او أنه يعاني من سوء معاملة الأستاذ كإهانته مثلا او عقابه أمام أقرانه اضافة الى عدم فسح المجال للتعبير عن الرأي والترويح عن النفس من خلال بعض الانشطة اللاصفية التي تسهم وبشكل واضح في تخفيف الضغط العصبي واستعادة الرغبة لمواصلة الدرس والمواظبة على فهمه، وهناك أسباب أخرى مثلا اذا تغير عليه الجو الدراسي كأن ينتقل من مدرسة إلى أخرى أو من شعبة إلى أخرى او يستبدل الأستاذ بأستاذ آخر...وغير ذلك من الاسباب التي تؤدي مجتمعة أو منفردة الى تأخر مستواهم الدراسي.

ولنعالج المسألة خطوة خطوة أختي الفاضلة:

1- اجلسي مع ابنتك جلسة حوار ونقاش تسودها المحبة والألفة والكلمات الرقيقة والوجه المستبشر واللمسة الحانية.. استمعي إليها دعيها تعبر عن رأيها وتخرج كل ما في قلبها ولا تقاطعيها او تعترضي عليها أو تنقديها إلا بعد أن تكمل كل ما في خاطرها..
فإن اكتشفتِ أن الأمر يتعلق بمشكلة صحية بادري سريعا إلى اتخاذ الخطوات الصحية اللازمة وإن كانت تتعلق بمسألة نفسية شخصية او متعلقة بكم كوالدين صححي عندها الفكرة واوضحي لها وجه الصحة من الأمر وحاولي أن تستوعبي انفعالاتها وتمتصي غضبها...واغدقي عليها من العاطفة والاهتمام واصرفي تفكيرها إلى أن الدراسة هي الحل الامثل للوصول الى النجاح والتميز .
2- لا تمتعضي من بعض الهوايات التي تحاول تعلمها بل شجعيها على ذلك، عززي في نفسها الثقة وشجعيها وبالوقت نفسه شجعيها على الموازنة بين الدراسة وممارسة المواهب من خلال تنظيم الوقت كأن تطلبي منها ذلك او تتولي تنظيم وقتها بما يسمح لها من الدراسة وممارسة مواهبها على حد سواء.

3- تابعي موضوع المدرسة وافهمي ان كان لديها مشكلة مع شخص ما او استاذ ما حاولي التدخل لحلها وإن لم يمكن انقليها إلى مدرسة اخرى ،وإن كانت مشكلتها في خصوص مادة معينة يمكنك الاستعانة ببعض الدروس الخاصة لإيضاح المطالب الغامضة عندها.

4- من الجيد جدا أن تعلميها مسألة البرمجة العصبية الإيجابية وتلقينها بالكلمات الإيجابية المشجعة وان تلقنها لنفسها هي كذلك كأن تقول-لابد لي من النجاح- النجاح مفتاح السعادة-انا قادرة على صنعه- بإمكاني ذلك- بالعلم اصنع مستقبلي-وغيرها من العبارات التشجيعية المحفزة.

5-لاتطلبي منها أمورا فوق طاقتها ورغبتها كأن تريدين منها معدلا عاليا وتخصص دراسي معين اتركي لها الفسحة والمجال لتقرير ذلك ولا تفرضي عليها. ..قولي أنا اريدك ناجحة وموضع فخر واعتزاز ويشار لك بالبنان وسوف تكتشف بمرور الايام صحة كلامك وتعود تدريجيا إلى سابق عهدها من  التميز الذي كانت عليه واعود لأقول الاحتواء ثم الاحتواء ثم الاحتواء فالبنت في هذه الفترة العمرية تحتاج الى مخزون عال من الاهتمام ولا أظنك تقصرين في ذلك.

الباحثة فاطمة الأسدي