أبعـــاد التـربيـــة المطـلـوبـــة في تربية البنات
2021/01/31
626

في البدء أختي الطيبة نذكر لك هذه المقولة: (إنه لابد من ارتياد الطريق الطويل ، طريق التربية ، لإنشـاء القاعدة المسلمة التي تسند الحكم الإسلامي حين يقوم، وتظل تسنده لكي يستمر في الوجود بعد أن يقوم)..

إذاً.. يمكن لكل أب وأم السير في هذا الطريق الشاق الطويل وهو طريق التربية لإنشاء جيل واعي مثقف بثقافة الإسلام ووفق تعاليمه يسير إن شاء الله تعالى إن حسن الوالدان السير بهذا الطريق سيراً سليماً لا اعوجاج فيه .. وللولوج في هذا الطريق ينبغي للأب والأم التعرف على أبعاد التربية الإسلامية المطلوبة فهي أبعاد  ذات أهمية خاصة وهذه الابعاد هي: 

1- قال تعالى: {إن اللـه هو الرزاق ذو القوة المتين}(1)، والمطلوب ترسيخ هذا المبدأ في نفوس القاعدة الانسانية إلى درجة اليقين ، الذي لايتغير عند الشـدة ، فالعقيدة لاتغير شيئاً في واقع الناس حتى ترسـخ وترسـخ وترسـخ ، حتى تصبح يقيناً قلبياً.

2-وقال أيضاً:{ إنمـا المؤمنـون إخــوة }(2) وتـختبر الأخوة في الشـدة أو في الطمع ، الذي يتميز فيه الإيثار والحب للآخرين من الأثرة وحب الذات.

3- النظام من ضرورات الحياة البشرية، وهو من التحديات الحضارية التي تواجه المجتمع ، فقد أنشأ الإسلام منهم أمـة شديدة التنظيم ـ والإسلام كله نظام ودقـة، فالصلاة مواقيت، والصوم مواقيت، والحج مواقيت، والزكاة مواقيت وقد جعل الرسول(ص وآله) الأمـة المسلمة أمـة منظمة تنظيماً دقيقاً.

والتربية المطلوبة لإقامة القاعدة المؤمنة تهدف إلى إخراج نماذج فـذة، لا إلى مجرد مسلمين عاديين ، نماذج تكون كالأعمدة الراسية في البناء ، لتحمل ثقل البناء فيما بـعد وتحتاج هذه القاعدة أختي المستمعة الطيبة  إلى :

- عقيدة صافية.

- إدراك واعٍ لمقتضيات هذه العقيدة التي شملت جوانب الحياة كلها.

- وترجمـة هذه العقيدة في سـلوك عملي واقعـي.

مع ترسيخ معاني الألوهية حتى تصبح يقيناً قلبياً نبني عليه سلوكاً واقعياً.

- وترسيخ أخلاقيات لاإله إلا اللـه ، حتى تصبح سلوكاً ينبثق عن النفس، حتى يشمل سلوك الإنسان كله.

– ويحتاج الفرد الى وعي فقهي يعرف بـه الفرد ماذا يأتي وماذا يـدع ، ومتى يسـمع ويطيع، ومتى يفضي بـه السمع إلى الهلاك فينبغي ترسيخ هذه الأمور في نفسية الطفل.

فعلينا أن نتيقن إن ما يتربى عليه الطفل يثبت فيه، نعم أختي الكريمة وما يحدث للطفل في فترة الطفولة المبكرة يرسم الملامح الأساسية لشخصيته المقبلة ، حيث يصبح من الصعوبة إزاحة بعض هذه الملامح مستقبلاً سواء كانت سوية أو غير سوية، وتشير الدراسات إلى أن إزاحة الملامح غير السوية أكثر صعوبة من السوية، وإن السنوات الثلاث الأولى من حياة كل إنسان تعد ميلاداً آخر، فأن السنوات الأولى هي مرحلة الصياغة الأساسية التي تشكل شخصية الطفل.

والإسلام بدوره إهتم بالتربية ووضع أساليب التربية للبنات والأولاد وكان لتربية البنات فضل كبير في الإسلام نسبة الى أهمية المرأة في الحياة الاجتماعية وما تسهم به في المجتمع، وتربية البنات في الاسلام لها من الشرف ما يزيد من المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام ويوضح مدى الحب والعدل في الإسلام بين البنات والأولاد.

فأن الهدي النبوي الشريف بحكمته البالغة وإشراقته الناصعة هو الذي يرسم أبعاد فضل تربية البنات وينتظم آماد تلك الفضائل دنيا وآخرة «يبين الأصول والقواعد التي تقوم عليها التربية». والمنطلق الأول، أو المرتكز الذي تتمحور حوله حركات الإيجاب أو السلب في إطار البيت والأسرة، هو: «المسؤولية».

يقول معلم الانسانية «صلى الله عليه وآله وسلم »: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»، السائل هو الله تعالى، والمسؤول هو كل راع عما يقع تحت يده، وفي حوزته «الأمانة» الأدبية والمادية التي استرعي عليها واستحفظ، بشكل عام، يسأل: هل حفظ أم ضيع؟ ليكون من ثم الحساب ثواباً أو عقاباً، ويجيء تحديد الصورة الخاصة من بعد التعميم بسؤال الرجل الذي هو راعي البيت، عن أهله،.. زوجته وأبنائه وبناته،.. ماذا قدم لهم؟ وماذا عمل من أجلهم؟ وهل راعى ربه ودينه، وأدى الذي عليه من واجبات؟مستمعتي وليست إقامة الرجل في هذا المقام اختياراً أو تشريفاً، ولكنها قسر، وتكليف، قلده إياها دوره الطبيعي في الحياة ووظيفته الاجتماعية.

والكثير يعتقد ان المرأة مخلوق انقص مكانة من الرجل لذا كان الرجال في الجاهلية ما ان يبشرونهم بمولود انثى الا اخذوه ودسوه في التراب ويظل وجههم مسودا خوفا من العار ولكن الإسلام اتى ورفع من مكانة المرأة فهي الوعاء لانجاب الاجيال التي ستثقل الآرض بلا اله الا الله والواقع تتوزع مسؤولية الرعاية للبيت بين الرجل والمرأة، الزوج والزوجة، على ما خلفا وأنجبا، «الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».

إذن اختي الفاضلة ،.. فالمرأة الزوجة تحمل نصيبها في الرعاية للبيت من خلال دورها ووظيفتها الطبيعية أيضاً، وهذا الدور، أو هذه الوظيفة لها جهاتها التي تتوجه إليها، وأهمها على الإطلاق تربية الأبناء والبنات، وليس من ريب في أن هذا التوجه وتلك المسؤولية من أعظم ما عرفت البشرية في نشاطاتها الانسانية والاجتماعية من مهمات وواجبات، خارج نطاق الأسرة وداخلها.ونحن إذ نقول بتربية الأبناء والبنات لا ننسى أهمية الزيادة المطلوبة في الأنثى، زيادة الاعتناء والملاحظة.. لأننا ندرك دور الأمومة المفترض فيها مستقبلاً، ذلك الدور الذي يصنع الأجيال ويبني الأمم، ويحفظ على ديمومتها وبقائها، واستمرار رقيها وتحضرها.لكن السؤال الملح هنا هو: هل تربي البنت في عمرها الأول كما تربي في فترة المراهقة ونحو ذلك ؟!أبداً فعلماء التربية وعلماء الشريعة الإسلامية وضعوا لكل مرحلة ما يناسبها من الأمور التربية.

ففي المراحل الأولى على ولي أمر البنت أن يتذكر كيف كان رسول اللّه يعامل البنات، وذلك من أجل أن يكون في تلك التعاليم النبوية منهجاً للتربية والتعليم، من ذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أهتم بالنصيحة ووجه الآباء والأبناء إلى الإهتمام بالموعظة والنصيحة، ذلك عن طريق انتهاج أسلوب القصة، أو الحوار، أو الموعظة مع المداعبة أو بضرب الأمثال وما إلى هنالك، فالبنت في المراحل الأولى لا تحتمل دروساً أكاديمية في التربية، إنما المهم في تلك المرحلة أن يتم التركيز على حبّ الله وحب رسوله وكيف تكون البنت التي يربطها ووالدتها حب الله ورسوله؟ وهل يستطيع شياطين الجن والإنس أن يؤثروا بأخلاقها وسلوكياتها أو أن يحرفوها عن جادة الصواب؟؟

إضافة إلى ذلك ينبغي على الآباء والأمهات تربية البنت على العيش ضمن محيط الأسرة والبيت، حيث تسود المحبة والوئام ولتعاون بين جميع أفراد الأسرة، وقد اكدت الوقائع ان الطفل الذي يعيش في جو منزلي هادئ، مليئ بالحب والعطف فسيكون الحال شعوره بالاستقرار والطمأنينة، مما ينعكس على علاقاته العامة مع الناس جميعاً، والعكس صحيح، فالطفل الذي يستيقظ وينام على مشاجرات الأهل يفق الأمن والأمان، ويتأثر بذلك كله، فيعيش الانطواء والعزلة والعقد من المجتمع! ولا يتصور أولياء البنات أن القيام بتربية البنات أمراً سهلاً، إنما أكدت الشريعة والواقع صعوبته، وذلك قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كان له أختان أو بنتان فأحسن إليهما، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار باصبعه السبابة والوسطى..".. وقال (صلى الله عليه وآله):  "من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخواتٍ وجبت له الجنة فقيل: يا رسول الله واثنين؟ فقال: واثنتين فقيل: يا رسول اللّه وواحدة؟ فقال: وواحدة".. كل هذا ينبغي على الآباء والأمهات أن يربّوا بناتهم على جميع الأخلاق وأحترام الآخرين، والمحافظة على حقوق الآخرين، سواء كانت مادية أو معنوية، ثم تأتي مرحلة تربية البنت وتعليمها الواجبات والفرائض الإسلامية كالصلاة والحج ونحو ذلك.. مع التركيز على التأمل والبحث والتفكر، وذلك من أجل أن يتكون لديها إدراك عقلي سليم، وهذا يؤءي الى تهذيب النفوس وتربية الروح وما إلى هنالك.. ويدخل في ذلك تربيتها وتعوديها على ارتداء الحجاب الشرعي، حفاظا لها من شياطين الانس الذين قد يستغلون طيبتها وقلة خبرتها فيعملون على اغوائها واضلالها.

وقد يتسائل سائل: هل تعليم البنت واجب أم لا؟ الواقع  لم تحصر الشريعة الإسلامية العلم بالذكور دون الإناث، وهذا ما نلمحه في الأسلوب القرآني، حيث ظاهر المسألة تخص الذكور، لكن حقيقة هي دعوة للذكور والإناث من أجل تحصيل العلم، قال الرسول (صلى الله عليه وآله): " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" من أجل أن تكون المرأة المسلمة واعية مثقفة تستطيع أن تربي الآجيال الذين يعتمد عليهم في المجتمع المؤمن الصالح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج حسنات- الحلقة الرابعة-الدورة البرامجية61.

(1) الذاريات: 58.

(2)الحجرات: 10 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا