حجب المرأة وعدم الاختلاط
2021/01/24
568

فرض الله تعالى الحجاب والستر للحفاظ على العفاف والطهر والروحي والأخلاقي للنساء أولاً، وتحصين المجتمع في مواجهة عوامل الفساد، والفسق، والانحراف، والعبث والتبذّل ثانياً؛ فإذا صلحت المرأة صلح أولادها لأنها الأكثر احتكاكاً مع النشء الصغير وبصلاح الأولاد بنين وبنات تصلح الأسرة ويصلح المجتمع ونحن نتحدث عن الأغلب الأعم فقد يصدف أن تربي أم وأب أولادهما بشكل سليم ولكن هنالك عوامل خارجية تؤثر فيه أحدهم فينحرف.
أخواتي الكريمات يوكد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على أمر المشرع بحفظ المرأة، فإن عدم اختلاطها بالرجال احفظ لها ولهم؛ فقال (عليه السلام): "واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن" أي احجبهن عن الغرباء حتى لا تقع أبصارهن على ما يكون سبباً لفسادهن، ثم يقول (عليه السلام): "فإن شدة الحجاب أبقى عليهن" وليس المقصود بالحجاب هنا ما يوضع على الرأس والعنق والجيب، وإنما المقصود به الاعتزال وعدم الاختلاط، وإن كان حجاب الرأس هو واجب أيضاً بنص القرآن الحكيم. يقول تعالى عن الحجاب الأول مخاطباً نساء النبي اللواتي هن قدوة المسلمات: "وقرن في بيوتكن، ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وأطعن الله ورسوله.." ويقول سبحانه عن حجاب الرأس: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يوذين"(1).

 رغم أن المشرع الحكيم سمح للمرأة بالخروج من بيتها في حالات الضرورة والحاجة، فإن الإمام (عليه السلام) شدد كثيراً على هذه الناحية، لتقديره المفاسد الكبيرة التي تنشا عن اختلاط النساء بالرجال، كما هو في عصرنا لحاضر؛ ولذلك قال (عليه السلام): "وان استطعت الا يعرفن غيرك فافعل".
 ورغم أن الخطاب في هذه الوصية هو للإمام الحسن(عليه السلام) فهو غير موجّه إليه بقدر ما هو موجه لعامة المسلمين، لأن عقائل أهل البيت(ع) كن أشد الناس تمسكاً وتطبيقاً لتعاليم الشريعة. 

لاريب في أن من الخير للمرأة هو أن لا ترى الرجل ولا الرجل يراها كما قررته الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) في مقام جوابها لسؤال أبيها الرسول الاكرم "ص وآله" لها عن ذلك ولكن ذلك ليس هو كل ما ينبغي أن يقال في هذا المجال وإلا فإن المقامات والأحوال تختلف، فقد يفرض الواقع الموضوعي على المرأة أن تقف مع الرجل جنباً الى جنب لتسجل موقفاً نضالياً ورسالياً يدفع اليه التكليف الشرعي وضرورة الحفاظ على حياة الإسلام وعلى حيويته، وعلى حدوده وثغوره ولأجل ذلك نجد مولاتنا فاطمة الزهراء(عليها السلام) ومن بعدها ابنتها العقلية زينب (عليها السلام) وسواهما من عقائل الرسالة يشاركن في تسجيل مواقف رسالية وسياسية علنيه وفي ملأ من الناس، مع عدم التخلي عن الالتزام بالحجاب وعدم الإخلال به.

إذن فإن من المناسب إلفات نظر القاريء الى أن الظروف تختلف وتتفاوت وتبعا لها يحصل الاختلاف والتفاوت في الوظيفة الشرعية الالهية التي لابد من التزام بها وادائها على النحو الافضل والاكمل.

روى ابن شهر آشوب في المناقب أن النبى "ص وآله" قال لفاطمة (عليه السلام): " أي شى ء خير للمرأة؟ قالت: أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل.

فضمها إليه وقال: "ذرية بعضها من بعض"، وقد أثر عن زينب العقيلة (عليها السلام) أنها كانت لا تعرف من باب دارها غير وجهه الداخلي، وكانت عند ما تضطر الى مغادرة بيتها، تخرج ليلاً محجبة ومعها الحسن(عليه السلام) عن يمينها والحسين (عليه السلام) عن شمالها، وأبوها أمير المومنين أمامها. 

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج تحت ظلال الأمير- الحلقة العاشرة-الدورة البرامجية57.

(1) سورة الاحزاب 59.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا