المرأة في حياة الإمام علي (عليه السلام)
2020/11/16
793

أخواتي الفضليات كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي وتجلي من تجليات الخالق عز وجل فيقول ( عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم) وتارة ينظر الى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: ( لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليست قهرمانة) أي المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور ولقد وردت كلمة الريحان في القران الكريم (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة فالإمام علي (عليه السلام)  وصف المرأة بأجمل الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات الجميلة فهي جميلة وعطرة وطيبة تسر الناظر إليها. 

ومولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) عندما كان ينزل الى ساحة الحرب كان يرتجز ويقول: (أنا الذي سمتني أمي حيدرة) وهذا الرجز يعبر عن مدى اعتزاز الإمام وإعجابه بهذا الاسم الذي سمته إياه أمه فاطمة بنت أسد (رض) وهي تعد أول امرأة في حياة الامام علي(عليه السلام) ودائما الأم هي المرأة الأولى والمربية الأولى في حياة الرجل وفاطمة بنت أسد كان رسول الله(ص وآله) يعظمها ويكرمها ويدعوها ب" امي" وأوصت إليه حين حضرتها الوفاة فقبل وصيتها وصلى عليها ونزل في لحدها واضطجع معها فيه بعد أن ألبسها قميصه فقال له أصحابه إنا رأيناك صنعت يا رسول الله بأحد ما صنعت بها فقال رسول الله (ص وأله) انه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرّ بي منها وإنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة واضطجعت معها ليهون عليها ضغطة القبر).

 ومن الطبيعي أخواتي أن مثل هذه المرأة الطيبة الخيرة التي تعهدت بالتربية والعناية أعظم رجل في تاريخ البشرية وهو رسول الله(ص وآله) هذه المرأة المسلمة المؤمنة كان لها الأثر الطيب على وليدها الذي كان يفتخر بتسميتها له(حيدرة) كما كان يفتخر بتربيتها له.

أما النموذج الآخر في حياة مولانا الإمام علي(عليه السلام) والذي صادفه في بيت النبوة مولاتنا خديجة بنت خويلد (رض) فقد كانت خديجة (عليه السلام) زوجة رسول الله ( ص وآله) وحاضنة الإمام علي (عليه السلام) ومربيته وكان ثالثهما بيت النبوة يرى نور الوحي ويشم ريح النبوة وعندما توفيت هذه المرأة العظيمة سمى رسول الله(ص وآله) العام الذي توفيت فيه ب"عام الحزن" وكان دائم الاستذكار لها وقد أمر الله تعالى رسوله الكريم (ص وآله) أن يبشر مولاتنا خديجة (عليها السلام) ببيت بقصب الزمرد. 

أما المرأة الثالثة والتي تركت أثراً بالغاً في نفس مولانا الامام علي (عليه السلام) هي مولاتنا الزهراء (سلام الله عليها ) التي كانت سيدة بيتها في العمل منذ اليوم الأول من زواجها من الإمام علي (عليه السلام) ودأبت على ذلك مدة طويلة حتى اتعبها العمل فقد استقت بالقربة وطحنت بالرحى وكنست البيت ونظفته حتى انهكها العمل وتقاسمت هي والامام علي (عليهما السلام) الاعمال فكل ما هو خارج البيت كان من مهمات الامام (عليه السلام) وكل ما هو داخل البيت كان من مسؤولية الزهراء (عليها السلام) التي وعت مسؤوليتها كامرأة وزوجة وأم وربت بيت ومن هنا فإن مولاتنا الزهراء (عليها السلام) لم تستغل مكانتها ووضعها الاجتماعي لأنها ابنة رسول الله (ص وآله) ولم تخل بالتوازن المفروض بين دور المرأة ودور الرجل ولم تنافس زوجها في دوره وفي موقعه بل احتفظت بدورها كامرأة فقط وكان لهذه المرأة والسيدة الجليلة التأثير المباشر على نظرة الامام علي (عليه السلام) للمرأة الطيبة الخيرة المؤمنة حتى قال الامام علي (عليه السلام) عنها ( فو الله ما أغضبتها ولا أكرهتها على امر حتى قبضها الله عز وجل اليه ولا أغضبتني ولا عصيت لي أمراً ولقد كنت انظر اليها فتنكشف عني الهموم والاحزان)، وبالرغم من حب الامام علي (عليه السلام) الكبير للمرأة الا انه كان يرى أن واحدة يعشقها القلب وتريح الى وجودها وتنعم بجوارها وبحديثها الروح تغني عن سائر النساء وقد كانت هذه المرأة التي وجد فيها الإمام علي جميع الصفات والخصال إذ لم يعرف له هوى لامرأة خاصة من نسائه غير الهوى الذي اختصها به وهو غير الهوى الذي تبعثه المرأة بمغريات جنسها فكانت حقا أعظم امرأة واعظم زوجة لأعظم رجل بعد رسول الله (ص وآله) ألا وهو الإمام علي (عليه السلام) ولنظهر الوجه المشرق للمرأة في حياة الامام علي (عليه السلام) والعلاقة المبنية على الود والتفاهم والمودة والرحمة  بين الإمام والمرأة التي رافقت حياته فترة من الزمن وفارقها بالدموع وهو الانسان الصلب الذي لم يعرف الضعف أبداً ولنبرهن أن المرأة فيها كل الخير وليست فتنة وليست شراً وحتى يتجدد اللقاء بكم تقبلوا تحيات كادر البرنامج والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج تحت ظلال الأمير-الحلقة الأولى- الدورة البرامجية57.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا