الأسرة وبناء العلاقات
2020/07/17
517

اخواتي نبدأ معك على بركة الله بذكر هذه القصة توجه أحدهم الى الامام الصادق (ع) شاكياً قائلاً : إن أخوتي وبني عمي قد ضيقوا على الدار والجأوني منها الى بيت ، ولو تكلمت اخذت ما في أيديهم فأجابه الصادق (ع): " اصبر فان الله سيجعل لك فرجاً "، قال  الراوي: فانصرفت ووقع الوباء سنة إحدى وثلاثين ومائة فماتوا والله كلهم فما بقي منهم أحد ، فقال : فخرجت فلما دخلت عليه أي على الإمام الصادق(ع) قال :« ما حال أهل بيتك؟ فقلت: قد ماتوا والله كلهم ما بقي منهم أحد، فقال (ع): «هو بما صنعوا بك وبعقوقهم إياك وقطع رحمهم بتروا).

من هنا أيتها الفاضلات شدد الإسلام على الأسرة المسلمة وعلاقاتها بالأفراد والأسر الآخرين ولذلك كانت العقوبات والمحن مرتبطة بقطع الروابط والصلات بين الأفراد والأسرة في المجتمع ويشير الى أهمية ذلك أمير المؤمنين (ع): « إن أهل البيت يجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله وأن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم الله وهم أتقياء». 

ولذا لابد أن تكون العلاقات بين الأفراد في الأسرة الواحدة على تلك الصورة من القوة والمتانة والترابط، أن الأسرة في علاقاتها تتجاوز افرادها لتصل الى الجار، ولتكون العلاقة مع الجار كعلاقة الأسرة بأفرادها، فالرسول الأعظم (ص واله) كتب بين المهاجرين والأنصار.. ومن لحق بهم من أهل يثرب « إن الجار كالنفس غير مضار ولا اثم وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه هكذا يركز ديننا الاسلامي العظيم في الأسرة كيفية بناء الفرد لعلاقاته مع أسرته ومع من جاوره من الأفراد والأسر، ليصل الى أربعين دارا من كل جانب، وكان هذا جواب الصادق (ع) عندما سئل عن حد الجار، وما أوضحه الرسول الكريم (ص): « كل أربعين دار جيران من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله». 

وهكذا يتعلم الفرد في الأسرة كيف ينمي علاقته، فاذا كان المستلزم الأول في بناء العلاقات مع الآخرين هو الشعور بالمسؤولية فإن الآسرة المسلمة هي التي تربي فيه عملياً ذلك الشعور واذا كانت الأخلاق من الأمور الهامة في بناء العلاقات فان الأسرة المسلمة تقوم بتعويد الفرد وتعليمه معنى الالتزام، واحترام الوقت، وآراء الآخرين، والعمل الجماعي المنضبط، والجدية في ذلك، وممارسته تلك الأمور الأخلاقية وغيرها ممارسة عملية، فتنمي في الفرد تقبله للآخرين، وتقبل الأفراد الآخرين له.

يحكي أحد الأخصائيين النفسانيين قصة من واقعه إذ يقول: استرجعت بعض المعلومات في ذهني وتذكرت صديقاً قديماً كان أنجح مني في علاقاته مع الآخرين ، وكان الشيء الذي يميزه عني هو قوة بيانه وطلاقة لسانه ، ولم اكن ادرك حينها لماذا لم اكن طليقاً مثله ، ولكني ادركت الآن السبب، لقد كان ذلك الصديق يحصل على تلك السمة من أسرته التي كانت تتعامل معه بطريقة تدعوه للانطلاق وحرية الكلام ، في حين أني لا انسى انني انتقدت يوماً احدى المأكولات على المائدة وكانت عبارة عن هدية فما كان من أسرتي الا ان انهالوا علي قذفاً وتوبيخاً، الأمر الذي دعاني أتجرع الصمت في كثير من الأمور التي تحتاج الى حديث ومبادرة أو نقد او مجاملة.

وختاماً نقول أنها الأسرة تبني في الفرد الشعور والقدرة ببناء العلاقات بدرجات متفاوتة بين فرد وآخر.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج أسرتنا إلى أين؟- الحلقة الحادية عشرة-الدورة البرامجية56.


 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا