الألعاب الإلكترونية والكبار
2020/05/10
416

لقد منح الله تعالى للإنسان الحقوق كما فرض عليه الواجبات ولم يكن الله بظلام للعبيد ولم يكلف نفسا إلا وسعها ولعل من الحقوق التي منحنا إياها هو حق النفس وقد يكون لهذه النفس عدة حقوق كما وعليها عدة واجبات والترفيه والترويح هو أحد أهم الحقوق التي تجعل الفرد في راحة واستعداد مستمر للبذل والعطاء وقد يختلف الترويح الذاتي من فرد لآخر بحسب جنسه وطبعه وميوله فمن الناس من نجده يميل الى الرياضة أو الى المطالعة أو الى ممارسة أي هواية هو يحبها مالم تكن مخالفة لشرع الله سبحانه وتعالى أو مصدر إزعاج وأذى للناس. 

وقد ينظر كل منا الى فكرة التغيير والتسلية من منظار خاص بحسب ما يعتقد انه ملائم له ولا بأس بذلك ما دام يسير وفق القوانين العقلائية والأخلاقية ، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة ألعاب تسلية كثيرة سواء على الأجهزة الخاصة بها مثل البلاي ستيشن وغيرها أو على الهواتف المحمولة وهو من حيث الفكرة أمر لا بأس به ولا ضير منه مادام يسير وفق الشروط الطبيعية التي يعقلها الصغير قبل الكبير ولكن ..حين تنحى عن المنحى الطبيعي هذه التسلية وتكون مضرة هنا يجب أن نتوقف ونتأمل فيها جيداً.

ربما تلاحظ الكثير من الاخوات عند الذهاب الى السوق أو الى المحلات العامة انشغال أغلب أصحاب المحال بالهاتف الذي بيده سواء للعب أو للتصفح عبر الانترنت وغيرها وهو أمر غير مناسب للذوق العام وغير لائق بمكان العمل الذي هو فيه، وقد يتعدى الأمر الى أن يكلمه الشخص المشتري وذلك البائع لا يرفع عينه من جهازه ويجيب ولا ندري إن كانت إجابته صحيحة أم محض جواب ليعود الى ما يلهيه في ذلك المحمول الذي بيده وكم وكم من شخص أراد أن يشتري ويترك هذا المحل وذاك لانشغال البائع عنه، وهو بذلك طرد رزقه بعيداً عنه ، صحيح أن الرزق بيد الله ولكن له أسبابه ومن أسبابه أن يهتم صاحب العمل بعمله ولا ينشغل بما لا ينفعه على الاقل في الوقت الذي هو في وقت العمل ولا بأس أن يتسلى في وقت آخر، وقت يكون مناسب له ولغيره 
وللأسف هذه ظاهرة أصبحت اليوم نراها في اكثر من مكان علما أن من صنع هذه اللعبة أو ذلك التطبيق كان يعمل عليها وعمله قد لاقى نجاح ولم يتركه حتى ينشغل هو بما انتجه للناس بل سعى الى إنتاج غيرها، فلماذا نكون نحن لعبة أخرى تتحكم بها لعبة أو تسلية زائلة وقتية لا تنفع بل تضر تعرضنا للانتقاد اللاذع ممن يراها منافية لمقاييس الذوق والسعي وراء لقمة العيش؟ 

نعود مرة أخرى عزيزاتي ونكمل حديثنا عن الالعاب والهواتف وانشغال أرباب العمل بها وليس أرباب العمل فحسب بل حتى نسائنا أصبحن يقدمن الجلوس لساعات أمام مواقع التواصل وغيرها وهي بذلك تترك أعمال بيتها غير منجزة أو تهمل نفسها غير مبالية وهذا السبب أصبح من أكثر الأمور التي تساعد على خراب البيوت والعوائل وتزيد من المشاكل فنرى الأم في عالم والأب في عالم والأطفال دون مرشد ومربي ويسهر الوالدان أو احدهما لساعات متأخرة من الليل لغرض التسلية الفارغة وتكون النتيجة أن تذهب ساعات النهار هباء لأن الأم قد سهرت الليل على الهاتف أو أن الاب يخرج متأخراً لعمله لنفس السبب، من يرى هذا الامر صحيح ؟ بالتأكيد كل ذو لب يراه مخالفاً لمنطق العقل ولا بأس بان نتواصل مع الاخرين ونتعرف الى ثقافات الغير ولكن بالشكل المعقول الذي لا يؤثر سلباً على حياتنا وحياة من حولنا فلكل شيء وقت ولكل ولكل تسلية أو أنها اذ لم يخلقنا الله عبثا لنعيش للعب فقط بل نحن مطالبون بأن نؤدي واجباتنا قبل أن نأخذ حقوقنا.

قد يحتاج موضوع اليوم الى اكثر من حلقة وبرنامج غير اننا نحاول ان نستعرض بما يسمح به وقت البرنامج على اهم المحاور التي تعصف بالمجتمع في زماننا الحاضر. 

من المشاهدات التي تتكرر بشكل كثير ايضا هي اللعب بما نسميه ( البلاي ستيشن ) إذ نرى ان الكثير من الكبار يتعلقون بلعبة ما حتى يصل الامر الى درجة الادمان عليها فيكون له ورد يومي من أجل أن يستمر في هذه اللعبة وهذا الامر ينطبق على الفقرة التي ذكرناها قبل الفاصل في الهواتف، ونرى أن المحال لبيع هذه الامور والترويج بدأت بازدياد وصارت تعصف بالعقول وتجمدها حتى اصبح حديث البعض من الراشدين حول هذه اللعبة وتلك مثله مثل اي طفل صغير يتنافس مع زميله في مستوى ما تقدم فيه من النجاح، هل هذا معقول؟ الى أي مدى سُيطر على العقل البشري؟ وحين يتحاور العقل مع الذات ويسأل هل انت راضٍ عما أنا عليه؟ 

بالتأكيد يجيب العقل الواعي بالنفي لان الله سبحانه وتعالى ما خلقنا عبثاً للهو فقط بل أراد منّا ان نكون منتجين نافعين لنا ولغيرنا فقد جعلنا سبحانه سادة المخلوقات مما خلق.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج المفاتيح البيضاء- الحلقة العاشرة-الدورة البرامجية54. 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا