حجاب الزوجة
2020/01/31
619

إن الحجاب ليس قيداً على المرأة ، إنما هو حصن يحفظ للمرأة كرامتها وعفتها، إنه كالصدقة التي تحفظ اللؤلؤة وتصون بريقها الأخّاذ؛ وإنه لا يضر بها بل يعود عليها بفوائد كبيرة، يصون المرأة من النظرات المحرمة ويحفظ إحترامها لدى الجميع، يعزز من العلاقات الزوجية؛ لأن الرجل سيكون مرتاح البال على أساس إنتفاء الشكوك والظنون السيئة التي قد تراوده، فالرجل تشكل في أعماقه روح الغيرة، إنه لا يحتمل أبداً رجلاً ينظر إلى زوجته أو يتحدث معها. إنه يعد مثل هذا العمل عدوانياً صارخاً على مملكته، وهو الوقت نفسه ينتظر من زوجته أن تلتزم حدود الحجاب الشرعي، وأن تتصرف بطريقة تجسد هويتها كمسلمة تعتقد بالإسلام ديناً وشريعة وأخلاقاً رفيعة.

ولهذا الإلتزام تأثير كبير وعميق في تعزيز علاقة الزوجين؛ لأن الرجل سيكون فارغ البال مطمئن الخاطر تجاه سلوك زوجته، وسوف تنتابه الهواجس وتنتابه الأفكار المشوشة فيما لو أبدت زوجته تساهلاً في مسألة الحجاب والزي الشرعي، كأن تبرز مفاتنها أمام الرجال الأجانب ولا تتحرج من المزاح مع هذا وذاك؛ ولهذا نهى الإسلام عن تبرج المرأة والسفور كما نهاها عن التزيين لغير زوجها من الأجانب.
إن إلتزام الحجاب خارج المنزل وفي المحافل العامة يزيد من تماسك الأسرة؛ لأن المرأة تكون في مأمن من حرشات مرضى القلوب والمنحرفين.
أجل، إن الإسلام على إطلاع كامل بخصائص المرأة وصفاتها وهو يعتبرها ركناً مهماً في إصلاح المجتمع، ولذا فإنها تتحمل المسؤولية الكبيرة في هذا المضمار وإن نهوضها بهذه المسؤولية وقيامها بإلتزاماتها الشرعية يترتب عليها الثواب الإلهي الكبير.
إذا كان مصير أسرتكِ مهم لديكِ وإذا كنتِ تهتمين بتعزيز علاقتكِ بزوجكِ وإذا كان يهمكِ سعادة مجتمعكِ، فإن التزامكِ بالزي الشرعي هو الطريق إلى تحقيق ذلك.
لا تجعلي من جمالك معرضاً لمن هبّ ودبّ؛ إنك بعدم رعايتك للحجاب وترتكبين معصية وخطيئة دون أن يعود عليك ذلك بفائدة ما، سوى الندم يوم القيامة، وتأكدي أيتها القارئة إن الحجاب يحقق لك سعادة الدنيا والآخرة؛ وسوف تحظين برضا الله سبحانه. فليكن حجابك شعارك في الحياة؛ إنه يزيد من جمالك وهيبتك ويعزز من حب زوجك لك ويضيف عليك وقاراً، فالمرأة إنسان قبل أن تكون أنثى، وكرامة المرأة رهن بارتدائها الحجاب الشرعي.

عزيزتي القارئة، هناك نزعة لدى المرأة للظهور في أجمل شكل خاصة أمام الآخرين في المحافل النسائية، ترتدي أجمل الثياب وتتعطر بأفضل العطور وتتزيَّن بأساور من ذهب وفضة، ولكن من المفارقات في هذا المضمار أن المرأة تحرص على ذلك عندما تروم الخروج من المنزل، ولكنها لدى عودتها تعيد ثيابها الجميلة وتنزع أسورتها وتهمل تماماً عطرها وترتدي ثيابها ربما من الدرجة الثالثة، في حين أن العكس هو المطلوب فالحياة الزوجية المشتركة ورغبة الرجل في أن يرى زوجته في أجمل هيأة وفي أبهى منظر يفرض على المرأة الإهتمام بهذا الجانب. إن ظهور المرأة أمام زوجها في شكل جيد سوف يعزز العلاقة بين الزوجين.

الزوج هو الرجل الوحيد الذي يحق له التمتع بجمال امرأته، يقول سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله): ((أية امرأة تطيبت ثم خرجت من بيتها فهي تلعن حتى ترجع إلى بيتها متى رجعت))، ويقول(صلى الله عليه وآله): ((ألا أخبركم بخير نسائكم: المتبرجة من زوجها، الحصان عن غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، ألا أخبركم بشرِّ نسائكم؟ المتبرجة إذا غاب عنها زوجها)).

ربما تتسائلين كيف تنسجم الزينة وإرتداء الثياب الجميلة والتعطُّر مع أعمال البيت والطبخ؟ لكن تأكدي لو أنك أدركت حجم هذه المشكلة لما ادّخرت وقتاً من أجل المبادرة، ثم ما هو الضرر من أن ترتدي المرأة للعمل بدلة العمل، وللإستراحة حلة بهيجة أنيقة؟ وما هو الإشكال أن تستقبل المرأة زوجها في هيأة تدخل الفرحة في قلب شريك الحياة؟

إن صلاح المجتمع والنساء خاصة هو: إنه عندما يخرجن من بيوتهن فليكن ذلك مع الحجاب الصحيح والمحتشم وبدون زينة، فإن المحافظة على الحجاب واجب من الواجبات الإسلامية.

إن الإلتزام بالحجاب الإسلامي لمصلحة النساء من عدة جهات:

1- إنهن يتمكن بصورة أفضل من المحافظة على مقامهن ومنزلتهن وقيمتهن في المجتمع وإبعاد أنفسهن عن أنظار الرجال الأجانب.

2- إن المتزوجات منهن يتمكن بصورة أفضل من إثبات وفائهن لأزواجهن، والمساعدة على حفظ جو الصفاء والهدوء والدفء في الأسرة، والحيلولة دون نشوء الظن والإختلاف والمشاجرات العائلية.

إن الإسلام من حيث أنه مطَّلع على تركيب المرأة وخلقتها الخاصة، يعتبرها ركناً مهماً في المجتمع؛ وتتحمل شطراً من المسؤولية بالنسبة إلى صلاح المجتمع أو فساده؛ ويريد منها أن تُضحي في حمل هذه المسؤولية العظمى، وأن تحول عن طريق التزامها بالحجاب الإسلامي دون حدوث الإنحرافات الإجتماعية؛ وتساهم في إثبات واستقرار الأمة الإسلامية وعظمتها، وأن توقن بأنها سوف تحصل من وراء القيام بهذه المسؤولية الخطيرة على أعظم أجر من الله سبحانه وتعالى.

 

عزيزتي القارئة، إذا كنت تريدين هدوء أسرتك وإستقرارها وكسب ثقة زوجك واطمئنانه، وإذا كنت تفكرين بالمصالح الواقعية للنساء، وإذا كنت تريدين أن تحصلي على رضا الله وتصبحي إنسانة مسلمة ومؤمنة بحق، فالتزمي على الدوام الحجاب الإسلامي الكامل، ولا تدعي زينتك وجمالك يكونان عرضة للأنظار، ولو كنت في منزلك وبين أقاربك غير المحارم، فليس هناك فرق في ذلك بين داخل المنزل وخارجه، ولا بين مجالس الضيافة أو غيرها، إنّ أخا زوجك وابن أخي زوجك وزوج أخت زوجك وزوج أختك وزوج عمتك وزوج خالتك وأولاد أعمامك أو أخوالك أو خالتك، كل أولئك ليسوا بمحارم لك وعليك الإلتزام بالحجاب الشرعي ولو كانوا في منزلك؛ إذا لم تلتزمي بالحجاب الشرعي حيال هؤلاء تكونين قد ارتكبت ذنباً من جهة وكدّرت قلب زوجك من جهة أخرى، نعم من الممكن ألاّ يذكر زوجك ذلك بلسانه ولكن تيقّني بأنه متضايق ويتكدر ويصاب جو الصفاء والود في الأسرة بحزن وكدر، أما بالنسبة إلى محارمك كوالدك وإخوتك فإن رعاية الحجاب هنا غير واجبة، وإن كان الأفضل أن تحتاطي إلى حد ما حتى أمام هؤلاء، فلا تظهري أمامهم بما تظهرين به أمام زوجك وإن كان هذا جائز شرعاً؛ لأن أكثر الأزواج يتضايقون من ذلك حتى في هذه الموارد، والمحافظة على ثقة الأزواج واطمئنانهم القلبي شيء لازم وهو ضروري أيضاً لثبات الأسرة واستقرارها.

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج مساكن طيبة- الحلقة الثامنة- الدورة البرامجية32.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا