حقوق اليتيم في الإسلام
2020/11/23
1839

كثيرا ما نسمع عن الآباء الذين فلذ أكبادهم فقد أطفالهم، وفطر نفوسهم موت أولادهم  يتناقل الناس أخبارهم في المجالس والتجمعات، ويقدمون لهم التعزيات، ولكن قلما نسمع عن أطفال فجعوا بفقد آبائهم وذاقوا ألم اليتم في ساعات مبكرة من حياتهم. 

عن هؤلاء اليتامى ومن هم في مثل ظروفهم، يتغافل كثير من الناس، شغلتهم أموالهم وبنوهم، في الوقت الذي أمر به القرآن الكريم بإكرامهم وتخفيف معاناتهم وتعريف الناس بمصيبتهم، وبالظروف العابسة التي أحاطت بهم وأطفأت الابتسامة من على هذه الوجوه الصغيرة.

والأيتام جمع يتيم، وهو من فقد والده قبل البلوغ، ومثل الأيتام في المعاناة والأسى: الأطفال الذين غاب عنهم آباؤهم غيبة طويلة، أفقدتهم الشعور بعاطفة الأبوة، وتركتهم يجابهون بأنفسهم مصاعب الحياة.

هذا وقد حث الاسلام على رعاية اليتيم؛ لأنه جزء من قوة الأمة، وعنصر من عناصر الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم. 

قال الله تعالى: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح).

وأمر سبحانه بإكرامهم، ونهى عن قهرهم وإذلال نفوسهم، حتى لا ينفروا ممن حولهم فيضيعوا في أنفسهم، ويحقدوا على مجتمعهم ويعادوه. قال تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر).

واعتبر تعالى الذين يمنعون اليتيم من حقه أو يدفعونه احتقاراً وزجراً أو يستعلون على جانبه الضعيف تسلطاً وامتهاناً اعتبرهم ممن يكذب بعدل الله ويستخف بجزائه في اليوم الآخر.

(أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم)، وهكذا جعل الإسلام بر اليتيم وحسن تربيته والقيام على شؤونه من معالم الإيمان الكامل، وبوأ فاعل ذلك مكانة عالية في جنات النعيم، قال رسول الله (ص وآله) :"أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا- أي متجاورين- وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى"  فمنزلة كافل اليتيم كمنزلة النبي (ص وآله) في جنة عرضها السماوات والأرض.

ونشير هنا الى "شأن اليتيم في القران الكريم":

من أعظم الآيات التى يكرم الله فيها اليتامى هذه الآية الكريمة التى يربط الله عز وجل فيها بين الأمر بتوحيده وعباده بين الأمر بالإحسان إلى اليتامى يقول سبحانه وتعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً).

يأمر الله في هذه الاية أولاً بتوحيده وعبادته (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) وبعد ذلك يأمر بالإحسان إلى الوالدين ثم ذوي القربى ثم اليتامى إنها مكانة عظيمة أن يربط الله بين الأمر بعبادته وبين الأمر بالإحسان إلى اليتيم وستعجبون إذا علمتهم أن الأمر بالإحسان إلى اليتامى ليس خاصا بأمة المصطفى "ص وآله" وإنما أمر الله بالإحسان إلى اليتيم جميع الأمم السابقة بل وجعل الإحسان إلى اليتامى ميثاقاً جامعاً من المواثيق التى أخذها على بني إسرائيل تدبرن معنا قول الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ).

ومن هذا المنطلق يأمر الله جل وعلا أولياء اليتامى أن يتقوا الله فى أموال اليتامى وألا يقربوا أموالهم إلا بالتى هى أحسن وحذرهم من تبديدهم وتبديلها بالخبيث أو المتاجرة بها فى الحرام فقال تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً): 

(وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيراً).

بل وأوجب الله في آية واحدة جامعة أوجب على ولى اليتامى ألا يسرف فى الإنفاق من أموالهم حتى يبلغ اليتامى الرشد وسن النكاح وصاروا قادرين على تدبير شؤونهم والمحافظة على أموالهم أوجب الله على ولى اليتامى أن يردوا أموالهم إليهم كاملة غير منقوصة، وأوجب الله على ولى اليتامى إن كان غنيا ألا يأكل من مال اليتيم فإن كان فقيراً أكل بالمعروف من غير إسراف ولا تبذير، وأوجب الله على ولي اليتامى بأن لا يسارع بأكل أموال اليتامى قبل أن يكبر أصحابها ليأخذوا حقهم وأوجب الله على ولي اليتيم أن يرد إليهم أموالهم وأن يشهد على ذلك إبراءاً لذمته ودرءاً للشبهة عنه.

تدبرن القرآن الكريم انظرن كيف طهر القرآن هذه القلوب ورفعها إلى هذا الأفق السامق ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). 

(وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ) فى الطعام والشراب لا حرج فى ذلك بغير ظلم (وَاللّهُ يَعْلَمُ)-  أي: لضيق عليكم- (إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج كنز الحنان-الحلقة الأولى.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا