لولا هؤلاء لأنزلت عذابي
2020/08/27
603

ورد الكثير من الروايات التي تحكي عن حلم الله تعالى وصبره على عباده المذنبين والعاصين وتوقيف عذابه لأجل ثلة معينة لها كرامة عن الله تعالى ومن خلال هذه الحلقة سنتحدث عن تلك الثلة الطيبة التي لأجلهم الله تعالى اوقف عذابه ولم ينزله . ورد في الخبر عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (إن الله إذا أراد أن يُصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي، ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار، لأنزلت عذابي)..

إذن.. رب العالمين كان دأبه في الأمم البائدة، تعجيل العقوبات في الدنيا قبل الآخرة، ومن تلك العقوبات أنه قلب مدن قوم لوط عاليها سافلها، وأرسل الجراد والقمل على بني إسرائيل، وكان هناك ما يسمى بالمسخ قردة وخنازير، وغير ذلك من أنواع العذاب، الذي كان ينزل على الأمم السابقة.. ولكن رب العالمين ببركة نبي الرحمة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} رفع العذاب المعجل عن هذه الأمة {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.

وكذلك من أسباب رفع العذاب:

المتحابون في الله.. هذا العنوان عنوان نادر جدا!.. فالذي يحب أحدا في الله، لابد أن يلغي منه كل امتيازاته الدنيوية، ولا يُبقي إلا إيمانه.. إذا وصل إلى هذه المرحلة من المحبة؛ فهذا يسمى الحب في الله وإلا فإن الدواعي الخفية، هي من موجبات عدم انطباق هذا العنوان وهنيئاً لمن كان له في الدنيا أخ واحد يحبه في الله عز وجل!

ومن أسباب رفع العذاب عمارة المساجد وعبارة عمارة المساجد لها معنيان: العمارة البنائية: أي إنسان يبني مسجدا، أو يساهم في بناء مسجد.. وهناك عمارة في الحضور: أي أن يأتي الإنسان إلى المسجد، فيكون وجوده في المسجد عنصر جذب للآخرين.. فالإنسان الذي يكون عنصر جذب لعشرات الأشخاص، يكون أقرب لمعنى عمارة المسجد، من الإنسان الذي يساهم في بناء المسجد.. فالذين يلتزمون الحضور إلى المساجد، يأتون إلى المسجد قبل الصلاة بفترة، ويخرجون بعد الصلاة بفترة؛ لأنهم يعيشون لذة الأنس في بيوت الله عز وجل.. قال رسول الله (ص): (سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم: (رجل قلبه معلق بالمساجد).. هؤلاء إذا لم يُصلّوا في اليوم والليلة فرضا واحدا في المسجد؛ فإنهم يعيشون حالة الاختناق!

ومن هؤلاء الثلة الذين لاجلهم لم ينزل الله العذاب المستغفرون في الأسحار.. فالمؤمن يحاول أن يكون من الذاكرين في أوقات الغفلة، وورد في الخبر عن أمير المؤمنين (ع) : (ذاكرُ الله في الغافلين؛ كالمقاتل عن الفاريّن.. والمقاتل عن الفارين؛ نزوله الجنة)، في بعض الأوقات، يضطر المؤمن للذهاب إلى الأسواق التي يغلب عليها ما يغلب من الأصوات، فيتعمد ذكر الله -عز وجل- في ذلك المكان المليء بالغافلين، رب العالمين يطلع على هذا السوق، فيرى الناس في لهو ولعب وحرام، وهذا العبد يمشي وفي قلبه ذكر الله عز وجل.. حتى أن البعض عندما يرى صور الفساد، فإنه يبكي بين يدي الله -عز وجل- لما يراه من المنكر؛ هذا كم وزنه عند الله عز وجل! وفي الأعراس كذلك يغلب جو من الاسترسال، ولكن المؤمن يتعمد أن يكون ذاكرا في هذه الأجواء، وأيضاً ساعة السحر، من الساعات التي يغفل عنها الكثيرون حيث أن الكل يهدأ في آخر الليل، ولا يستيقظ إلا الأولياء الصالحون، {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.. مؤمن يقوم من نومته في جوف الليل، ويتضرع إلى الله عز وجل، ويستغفر لأربعين مؤمنا، والأربعون كلهم نائمون.. هذا المنظر كم هو جميل عند الله عز وجل!

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج منار السبيل- الحلقة السابعة- الدورة البرامجية57.

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا