ما السبب وراء عدم قضاء الحوائج؟
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ (النساء: 32).
لقد أمرنا الله عز وجل أن نسأل من فضله لا من عدله، بعدما قسَّم الرزق بين العباد بعدله، إلَّا أنه جعل طريقاً لزيادته تارة بالتقوى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾، أو أُخرى بالدعاء والسؤال من فضله وكرمه وجوده ورحمته الواسعة.
ولكن كما قال سبحانه: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾، فهو المالك الحقيقي لكلِّ شيء وبعده كلِّ شيء، كما أنَّه العليم بكلِّ شيء، فلما تجمع المُلك العلم وتسأل من المالك العليم فإنَّه سوف يعطيك ما يصلحك؛ لأنَّه عنده أوَّلاً كلُّ شيء، وثانياً يعلم بكلِّ شيء، كالطبيب الحاذق فربما المريض يسأل منه ما لا ينفعه ولا يشفيه ولكن الطبيب يعطي الدواء وإن كان مرّاً.
ولمثل هذا، مَن سأل من غير الله فإنَّه لا يملك شيئاً، وإذا ملك يجهل ما يعطيك، ولهذا قال سبحانه:
﴿وَاسْأَلُوا اللهَ﴾ لا غير الله ﴿مِن فَضْلِهِ﴾ لا من عدله، وإذا لم يستجب لكم فإنّه أعلم بحالكم وبما يصلحكم ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾، وإذا وصلت إلى هذه الدرجة من المعرفة بالله حينئذٍ تسأل الله من فضله.
ولكن يطمئن قلبك أنَّ الله يستجيب لك، إلَّا أنَّه بما يصلحك.
ولهذا، ورد في دعاء الافتتاح في ليالي شهر رمضان: «ولعلّ الذي أبطأ عني هو خيرٌ لي؛ لعلمك بعاقبة الأمور، فلم أرَ مولىً كريماً أصبرَ على عبدٍ لئيمٍ منكَ عليَّ يا ربِّ»، فمن جهل العبد ولؤمه أنَّه يعاتب الله لماذا لم يستجب دعاءه؟!
هذا لو كان الدعاء مقبولاً بشرائطه وآدابه، وإلَّا فكثيرٌ من الأدعية لم تكن بشرائطها وآدابها، وبطبيعة الحال إذا انتفى الشرط انتفى المشروط مثلاً، إنَّما يستجلب الدعاء بقلب نقي تقي وبمال حلال، فمَن كان في لباسه شبهة مال الحرام أو في لقمته، فإنّه لا يُستجاب له الدعاء، فالنقص حينئذٍ من العبد لا من عدم استجابة مولاه.
وإذا أردت أن تعرف شرائط استجابة الدعاء فعليك بكتاب (عدَّة الداعي) للشيخ ابن فهد الحلِّي (رحمه الله)، ففيه ما يشفي العليل، والله المستعان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 986.
الإمعة: حين يغيب الرأي وتتلاشى المسؤولية