كيف نوقف هدر العمر
2020/05/17
683

من الحقائق المؤسفة ما نراه في هذه الأيام متفشياً بين الناس، من هدرٍ لساعات العمر في كل ما هبَّ ودبَّ، في الأمور اللاهية واللاهادفة .. ولو أن هذا الشيء المنفق عبثاً كان مالاً، لغلبه التألم بل الضجر الشديد، والحال أن العمر هو أغلى شيء في الوجود.
من المعلوم أن حياتنا بمثابة قطرات متجمعة في السدود، فلو جمعنا هذه الساعات المهدرة، لخرجنا بفائدة كبيرة في الدنيا، بل والأهم من ذلك هو أن نكون ادخرنا زاداً قد يجنبنا الندامة والحسرة القاتلة في يوم القيامة، فيومئذ يكون هو في أسفل طبقات الجنة، بينما يرى من هم ذووا الهمم العالية بجوار المصطفى وآله (ع) ويا لها من حسرة قاتلة!

 أختي الكريمة.. إن من مصاديق وروافد ضياع العمر وهدر الساعات: ساعات النوم الزائدة : فالإنسان بإمكانه أن ينام ساعات محدودة، يتقوى بها على طاعة الله   وأيضاً من روافد ضياع العمر وهدر الوقت هي ساعات البطالة في العمل: ترى البعض يجلس ينظر إلى الأبواب والشبابيك أو يقلب نظره في صحيفة ما، لا يعرف ماذا يعمل، وهو على هذه الحال كل يوم !  كذلك ساعات الجلوس مع الآخرين اذا كان في أمور الدنيا والكلام الباطل يستهلك الكثير من الوقت.. وفي أيام الصيف الذي يحتار في نفسه كيف يقتل الوقت ؟!.. وقد يأتي الصيف وينتهي وهو مفلس في مفلس لم يعمل لا لدنيا ولا لآخرة ! 
- لا يقتصر العمل الجاد في الحياة، وتربية النفس والفكر والعواطف، والجوارح والجوانح، فقط على العلماء والمراجع، بل أيضاً على عامة الناس.. فإن ابن آدم إذا مات قامت قيامته، فالقبر إما حفرة من حفر النيران، وإما روضة من رياض الجنة.. فالذي يعتقد بهذا المصير، ألا يحق له أن يفكر بشكل جدي ماذا يعمل، ليوقف هدر هذا العمر الذي ذهب عبثاً ؟

                                     
 هنالك أربعة محطات لتوليد الطاقة البشرية واستثمار الوقت هل تودين معرفتها ؟ 
جوابك بالتأكيد سيكون : نعم .
إذن نتعرف عليها سوية بعد الفاصل القصير . 

مستمعتي الفاضلة  الآن إليك الأربع محطات لتوليد الطاقة البشرية واستثمار الوقت:

أولاً- الجانب العبادي: وليس الاقتصار فقط على الصلاة والصوم والأوراد، بل هو الالتفات إلى عالم الغيب أيضا فالتفكر عبادة، فالإنسان بإمكانه أن يعيش عالماً من عوالم القرب من الله عز وجل وهو جالس في مكانه لا يتحرك، ويعيش حالة الأنس والارتياح والمعية برب العالمين .. ذلك الأنس الذي جعل الإمام موسى بن جعفر (ع) يشكر الله تعالى على نعمة السجن !.. وذلك أيضاً هو الذي جعل موسى (ع) يخر صعقاً.. وهو أيضاً الذي جعل النبي المصطفى (ص) يتكلف المشقة، ويتعبد في غار حراء بلا تكليف شرعي  .. والذي جعل  الإمام علي (ع) يقول : (جلوسي في المسجد أحب إلي من جلوسي في الجنة ؛ لأن جلوسي في المسجد فيه رضا ربي، وجلوسي في الجنة فيه رضا نفسي).. والذي جعل أهل الجنة يتركون القصور والحور، وينشغلون بالنظر إلى جلال الله وجماله.

ثانياً- الجانب الفكري: إن الإنسان المؤمن طاقة بناءة، طاقة مفكرة، يطالع ويقرأ ويتأمل، لذا نراه في حالة من الهدوء والسكينة لا يخشى شيئاً، تتصاغر في عينه كل عناصر القوى الكبرى المستكبرة، بل تبدو في ذهنه كالدمى ؛ لأنه يعلم بأن صاحب هذه القوى العظمى هو رب العالمين، وكل ذلك إنما هو من بركات الحركة الفكرية الدائبة والمطالعة المستمرة.
 
 ثالثاً- الجانب الخدماتي: إن الإنسان المؤمن معطاء، يفرج عن المكروب، ويغيث الملهوف، ويساعد المحتاج... فها هو إمامنا السجاد (ع) عندما جاء لدفن أبيه الحسين (ع) يصف بأن هنالك آثار السنان والسيوف والرماح، وإلى جانبها آثار الجراب التي كان يحملها في المدينة للفقراء والمساكين.
 
 رابعاً- الاستجمام المحلل: لا بأس بإعطاء النفس حقها بالترويح، قال تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}.. مثل السفر، أو ممارسة رياضة مندوبة كالسباحة مثلاً، ولكن بشرط أن تكون في أجواء شرعية.

 


 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج كيف نخطو- الحلقة الثامنة-الدورة البرامجية54.

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا