من أضرار اللجاج
2024/04/01
215

رُوي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «إِيَّاك أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اللَّجَاجِ» (نهج البلاغة: الكتاب ٣١).

الاستبداد والإصرار واللجاج من دون مسوّغ شرعي من القضايا التي لطالما سببت الأضرار لمن تخلّق بها، وخاصّة اللجاج في طلب الأمر عند تعسره؛ وهنا أمير المؤمنين (عليه السلام) يحذّر من هذا الخلق المذموم، "مستعيراً لفظ المطية الجَموح؛ ووجه الشبه كونه يؤدّي بصاحبه إلى غاية غير محمودة كالجموح من المطايا" (نخبة الشرحين: ص1616)، ولعلَّه في هذه الاستعارة لأجل التنفير منه وتجنبه.

إنَّ طلب الحق يحتاج إلى وعي، ومعرفة، وجدال بالتي هي أحسن؛ أمَّا الخصومة؛ فإنَّها تفتح أبواب الشر، ويمكن أن تفقد حقَّه الثابت له، أو يضيع فرصة إقناع الطرف المقابل بسبب ذلك اللجاج. وورود لفظ (إياك) تعطي، وتعكس معنى أهمّية الالتفات إلى هذا المضمون؛ إذ معناها: أُحذّرك أن يغلبك اللجاج، واللجاج لغة: لجّ في الأمر لجاً، من باب تعب، ولجاجة: إذ لازم الشيء وواظبه..." (مجمع البحرين: ص1156).

 "واللجاج: التمادي، والعناد في تعاطي الفعل المزجور عنه" (مفردات ألفاظ القرآن: ص650).
أمَّا اصطلاحاً؛ فهناك أكثر من تعريف: 

أولاً: الخصومة أو الاستمرار على المعارضة في الخصام، أو التمادي في الأمر ولو تبيَّن الخطأ. 

ثانياً: المواظبة على الطلب بإصرار وعناد وإلحاح من دون دليل شرعي على الفعل.

 اللجاج بوَّابة لفقدان الرأي والتدبير، ويورث الشرَّ في قلوب الآخرين؛ كما أنَّه قد يُسقط صاحبه في المهالك، وتعود أسباب اللجاج إلى اعتداد الإنسان بنفسه، وما يملك من آراء حتَّى لو كانت لا تقوم على أسس صحيحة؛ فيحاول أن يجبر الآخرين بالأخذ بها والاعتقاد بها، مع أنَّ النتائج تكون عكسية، وعلاج هذا الخلق المذموم تنوير القلب بالعلم والمعرفة، وحسن الخلق، وطيب المعاشرة، والتواضع للحق. 

قال رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله): «إيّاكَ وَاللَّجاجَةَ؛ فَإِنَّ أوَّلَها جَهلٌ وآخِرَها نَدامَةٌ» (بحار الأنوار:
ج٧٤/ص٦٧).

وقال الإمام علي (عليه السلام): «اللَّجَاجَةُ تَسُلُّ الرَّأْيَ» (نهج البلاغة: الحكمة 179)؛ وتَسُلّ الرأيَ، أيْ: تَذْهَبُ به وتَنْزِعه. وعنه (عليه السلام): «اَللَّجاجُ يُنْتِجُ الحُرُوبَ، وَيُوغِرُ القُلُوبَ» (عيون الحكم: 5/309).

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 961.
السيد صباح الصافي


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا