ما هي فنون التعامل مع المراهقين؟
2020/01/30
132

لدينا وصفة علاجية لأولياء الأمور في فنون التعامل مع أبنائهم المراهقين من كلا الجنسين، وأول ما نقوله في هذا الصدد هو: «إياكم أن تنتقدوهم أمام الآخرين، وانصتوا لهم باهتمام شديد عندما يحدِّثوكم ولا تقاطعوهم، ولا تسفِّهوا آراءهم».

ويجب على أولياء الأمور تجنب مخاطبة أبنائهم وبناتهم المراهقين بعدد من العبارات المحبطة، بل والمحطِّمة، مثل: «أنا أعرف ما ينفعك، لا داعي لأن تكملي حديثك، أستطيع توقع ما حدث، فلتنصتي إليَّ الآن دون أن تقاطعيني، اسمعي كلامي ولا تناقشيني، إنَّكِ طفلة لا تعرفين مصلحتك وغيرها من العبارات».

ولقد أثبتت الدراسات أنَّ عبارات المديح لها أثر إيجابي في تحسين مستوى التحصيل الدراسي لدى أطفال كانوا يعانون من صعوبات التعلُّم ونقص التركيز، ونضرب لكنَّ مثالاً لبعض عبارات المديح المحبَّبة إلى قلوب الأبناء والبنات من المراهقين، مثل: «بارك الله فيك، ما شاء الله، رائع، يا لكِ من فتاة أو يا لكَ من ولد، أحسنت، لقد تحسَّنت كثيراً، ما فعلته هو الصواب، هذه هي الطريقة المثلى، أفكارك رائعة، إنجاز رائع، أنا فخور بك، لقد أحسست برغبتك الصادقة في تحمل المسؤولية، أنت محل ثقتي، أنتِ ماهرة في هذا العمل... وغيرها كثير».

إنَّ أغلب مشكلات المراهقة سببها الرئيس هو عدم فهم طبيعة واحتياجات هذه المرحلة من جهة الوالدين، وأيضاً عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها، ولمساعدة الوالدين على فهم مرحلة المراهقة فقد حدَّد بعض العلماء واجبات النمو التي ينبغي أن تحدث في هذه المرحلة للانتقال إلى المرحلة التالية، ومن هذه الواجبات ما يلي:-

1-إقامة نوع جديد من العلاقات الناضجة مع زملاء العمر.

2- اكتساب الاستقلال الانفعالي عن الوالدين وغيرهم من الكبار.

3-اختيار مهنة والإعداد اللازم لها.

4-الاستعداد للزواج وحياة الأسرة.

5- وكذلك تنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية للكفاءة في الحياة الاجتماعية.

6- وأخيراً اكتساب مجموعة من القيم الدينية والأخلاقية التي تهديه في سلوكه.

والمراهق بحاجة إلى خمسة عناصر في هذه المرحلة تتلخَّص في الحاجة إلى الحب والأمان، والحاجة إلى الاحترام، والحاجة لإثبات الذات، والحاجة للمكانة الاجتماعية، والحاجة للتوجيه الإيجابي.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ العلاقة القائمة بين الأجيال هي علاقة حوار وليست صراع، ولكن في بعض الأحيان يصل بعضهم إلى طريق مسدود بالحوار، فيبدو معه الأمر على أنَّه صراع، لكنَّه مجرد اختلاف في وجهات النظر وفي المفهوم العام للحياة.

وينسحب هذا الأمر على العلاقة بين الأستاذ والطالب، حيث يحكم هذه العلاقة مجموعة متغيرات مثل طبيعة الطالب، والحالة المزاجية والنفسية للأستاذ، وطبيعة المقرَّر، ثم طبيعة الإدارة، كل هذه الأمور تحدِّد مجتمعة ماهية العلاقة بين الطرفين، وأنَّ ما يشوب العلاقة بين الأستاذ والطالب داخل المؤسسة التعليمية هو الصراع الدائم وهذا مرده إلى أنَّ الأستاذ ملزم بمنهج معين في التعاطي مع المتغيرات، يحدده الإطار المنهجي المتبَّع في المؤسسة التعليمية والذي لا يراعي غالباً أنَّ الطالب أصبح أمام مصادر متعددة لصياغة الوعي يجب تناولها من قبل المدرس بالتقويم حتى يضمن قدر الإمكان الإقلال من تأثيراتها السلبية، وإنَّ من النادر أن يراعي النظام التعليمي الأساليب الجديدة في التدريس، حيث لا تزال الطريقة التلقينية هي السائدة حتى الآن في مختلف مؤسساتها التعليمية، وهذا ما يخلق لدى الطالب ردَّ فعل سلبي تجاه النظام التعليمي.

إذن، يجب أن يكون هناك تقارب أفكار بين الطرفين أي أن يحاول الآباء التخفيف من سلطتهم وأن يتفهَّموا الجيل الجديد، وأن يحاول الجيل الجديد في المقابل استيعاب الجيل الماضي؛ ليكون هناك آلية للحوار بين الطرفين، كما ندعو الجيل الحالي لأن يعي أخطاء سابقيه ويتجاوزها.

ويجب على الجيل الحالي أن يبحث عن الإيجابيات الكثيرة عند الجيل الماضي، سواءاً في العادات أو التقاليد أو النظرة للحياة، ويحاول تطبيقها في هذا العصر إذا أراد أن يصبح حضارياً وصادقاً في التعامل مع الآخر.

ويجب أن يكون هناك فهم صحيح لآلية العلاقة بين الطرفين عبر تحديد أهداف هذه العلاقة وأبعادها الاجتماعية والثقافية؛ للوصول إلى مستوى علائقي متطور ومثمر يبتعد عن النفعية إلا في جانبها الفكري والثقافي، لذا ينبغي على الأهل استثمار هذه المرحلة إيجابياً، وذلك بتوظيف وتوجيه طاقات المراهق لصالحه شخصياً، ولصالح أهله وبلده والمجتمع ككل، وهذا لن يتأتّى دون منح المراهق الدعم العاطفي، والثقة، والحرية ضمن ضوابط الدِّين والمجتمع، وتنمية تفكيره الإبداعي، وتشجيعه على القراءة والاطلاع، وممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، وتدريبه على مواجهة التحدِّيات وتحمل المسؤوليات، واستثمار وقت فراغه بما يعود عليه بالنفع.


ولعل قدوتنا في ذلك هم أئمتنا(عليهم السلام)، فمن يطَّلع على سيرهم يشعر بعظمة أخلاقهم، وهيبة مواقفهم، وحسن صنيعهم، حتى في هذه المرحلة التي تعد من أصعب المراحل التي يمر بها الإنسان أخلاقياً وعضوياً وتربوياً أيضاً.





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المصدر: برنامج على أعتاب المستقبل - الحلقة الثامنة - الدورة البرامجية 27.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا