استراتيجية التعامل مع ابنك المراهق
2019/12/28
190

إن الإنطواء على النفس حالة طبيعية لدى المراهق، ولكن لا ينبغي أن تشكل عائقاً أمام تقدمه في الحياة، إذ يمكن أن يكون المراهق خجولاً في عدد من المواقف، ضمن العائلة، داخل الصف، مع أصدقائه، أو مع أشخاص بالغين، بل وحتى في مواجهة جسده، ويرى الأطباء النفسيين أن والدي المراهق يمكنهما مساعدته إن كان الأمر يخص حيزاً واحداً منها فقط، أما إن تعداه إلى ثلاثة أو أربعة ميادين، فحينها يصبح من الأفضل استشارة الإخصائي.

أختي الكريمة أخي الكريم بين سن الحادية عشرة والخامسة عشرة، تكون التحولات البدنية سريعة، وقد يشهد المراهق أحياناً تغيراً في حالته النفسية من أسبوع إلى آخر. وهذا وضع طبيعي، لكن نظرات الآخرين إليه تسبب له الإنزعاج، هذا الشعور المربك مؤقت ولا يستغرق سوى بضعة أشهر. ولمساعدة المراهق، ينبغي إعطاء القيمة للتغيرات الطارئة على بدنه، وحتى لو ابدى عدم اكتراثه بذلك، فلسوف تريحه عبارات الإطراء الصادرة عنك، بيد أنه يجب ألا يسخر أحد من مظهره، وتجد إستشارة الطبيب النفسي في حالة إمتناعه عن الإستحمام، ولو أبدى تذمراً مستمراً من شكل أنفه، ومن وزنه أو من طوله، فإن ذلك يعكس معاناة كبيرة في تقبل وضعه.

قد يعيش الشاب المراهق عادة فترة إنسحاب عن العائلة، لا يلجأ فيها إلى أحد ويقاطع وجبة من بين كل وجبتين، هذا الإبتعاد طبيعي، فهو يحتاج إليه لكي ينضج. بغية مساعدته: احرص أخي الأب على ألا يتعرض لأي رد قاس إذا ما تفوه بحديث أثناء تناول الطعام، وينبغي بالذات تجنب توجيه عبارات معينة إليه على غرار: ((تبين الأمر قبل أن تتكلم))، بل يفترض التعامل معه بلطف وتمكينه من التعبير عما يريد، على أن من المهم استشارة الطبيب النفسي إذا كان المراهق لا يبدي رأيه على الإطلاق، لكن يفترض إنتظار أن ينهي الكبار حديثهم لتحديد الموقف بدقة، فحتى الخجولون يتكلمون في حضن العائلة.
أخي المربي هناك بعض المراهقين يؤْثر التفرج على المشاركة، إن عدم الإضطلاع بالأدوار القيادية لا يؤدي بالضرورة إلى الشعور بالتعاسة، لكنه يصبح كذلك، عندما يشعر المراهق بأنه خيّب فيه، لذا فإن كان لديه صديق واحد أو صديقان وأنه يتفاهم جيداً معهما، فلا بأس في ذلك.

ولمساعدته: يمكنك دعوة أصدقائة إلى المنزل، وتسجيله في نشاطات يمكنه أن يلتقي خلالها بشباب آخرين غير أولئك الذين يعرفهم في المدرسة. ولكن ينبغي إستشارة طبيب مختص إن لم يكن لديه أي صديق، فالشباب المراهقون يحتاجون فعلياً إلى أن يكونوا معاً لكي يستطيعوا تحمل الإبتعاد عن آبائهم.

وليس سهلاً علينا فقدان القدرة على الكلام أمام مجموعة من الأفراد حتى لو كنا بالغين. أما في الصف، فعدم إمكانية التحدث قد يفضي إلى الحصول على درجات ضعيفة، كما يتوجب أن يتعلم المراهق كيف ينسى المواقف التي أخطأ فيها وأثار خلالهما عاصفة من الضحك.

ولأجل مساعدته: شجعه على إبداء وجهة نظره أثناء الجلوس حول المائدة مثلاً، ودعه يقدم درسه أمام العائلة، إذا كان اختلاطه جيداً في الصف، فسوف يظهر مهارة في التقديم بعد فترة وجيزة.

وتصبح إستشارة أحد الإختصاصيين لازمة، أن تحدث مدرسوه عن مشكلات يعاني منها في التعبير الشفوي رغم معرفته الجيدة بالدرس، لذا يتعين التدخل في هذه الحالة؛ لأن درجاته قد تهبط عندما يواجه إختبارات ومقابلات شفوية، مع تقدم المراهق في السن، يطرح على نفسه تساؤلات عدة: كيف يخاطب من هو أكبر منه سناً وعن أي شيء يتحدث معه؟ ذلك أن القواعد الإجتماعية تتغير حسب الفئة العمرية، ولا يعود باستطاعة المراهق تحديد كيفية التصرف.
لمساعدته: اسمح له بمقابلة أناس بالغين في المنزل، ويمكنك دعوة أصدقاء لديهم أولاد مراهقون أيضاً، بهذه الطريقة يستطيعون الدخول في نقاش مع الشباب خصوصاً، لا تدعي ولدك بحبس نفسه في غرفته، وإذا لم يكن يرغب في البقاء طيلة السهرة مع كبار السن، فمن المناسب أن يجيب عن أسئلتهم. شجعه أيضاً على أداء بعض الأعمال البسيطة، وعلى ممارسة الرياضة مع مجموعات تضم أشخاص بالغين، ولكن يتوجب إستشارة الطبيب النفسي حينما تشعر بأن ولدك المراهق يعاني من صعوبات في الإحتكاك بالبالغين أو بأفراد عائلته أو بشباب ينتمون إلى فئة سنه، هنا يغدو التدخل الخارجي أمراً ضرورياً جداً.



 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج همسة أبوية -الحلقة الحادية عشرة -الدورة البرامجية 32

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا