كيف أكون شخصية ناجحة لها أثر في المجتمع؟
2019/11/16
79

إن للشخصية الناجحة أثراً في المجتمع الإنساني وذلك من خلال فرض شخصيتها وتعاملها مع أفراد المجتمع، ومن تلك الآثار نشر الأمل بين الناس وإسعاد الآخرين، ولهذا كله إرتباط وثيق مع الذات ولعل قوامها في الفضيلة.

وكما نعلم أن للسعادة أسبابها ومن أهم هذه الأسباب أن يكون على وفاق مع الذات التي هي النفس وأن نكون منسجمين معها. والسعادة والأمل لا يأتيان بل لابد من إيجادهما على أرض الواقع، وليس هما موهبة يمكن الحصول عليهما بالجد والإجتهاد؛ لأن السعادة بالخصوص تنبع من داخل الإنسان وليس من خارجه، وهي بضاعة لا تُشترى إلا من متجر القلوب.

كما قال الإمام علي (عليه السلام) حكمته الخالدة في السعادة: ((أسعد الناس العاقل المؤمن)).

إذن أختي الكريمة فالعقل والإيمان يحققان السعادة من خلال موازنة الأمور والقرب من الله عز وجل، كما إن الشخصية الناجحة تتصف بالصفات الفاضلة وتنهج النهج القويم الذي يحقق السعادة ونشرها بين الناس جمعاء.

إن الله تعالى لم يخلق في هذه الحياة قوة إلا وفيها جانب من الضعف، ولا جمالاً إلا وفيه شيء من القبح، ولا وردة إلا ومحاطة بالأشواك، ولا نهاراً إلا وبعده ليل، ولا غنى إلا ومعه حاجة، وكما تقول إحدى النظريات "أن لكل شيء اهتزازه" وعلينا أن نعرف كيف نجذب كل ما نرغب إليه، مثلاً الصلاة التي نؤديها عدة مرات في اليوم تمنحنا التألق الروحي مثل ما يمنحنا الطعام اليومي لسد حاجاتنا الجسدية، فما علينا إلا الإيمان ليزيدنا قوة إلى قلوبنا، فتعلقنا به يشعرنا بارتفاع معنوياتنا فإنا في هذه الحالة نرى أننا ننجذب إلى السعادة كما يجذب المغناطيس الحديد، وكما يقول الحديث الشريف: ((فعصم السعداء بالإيمان وخذل الأشقياء بالعصيان من بعد إتجاه الحجة عليهم بالبيان، إذ وضح لهم منار الحق وسبيل الهدى))، فالمقصود بالإيمان هنا أن الإنسان قادر على تحقيق النجاح؛ وذلك لأنه يمتلك طاقة عالية والإيمان بالأهداف التي يريد تحقيقها، والإيمان بأن الله تعالى يوفق العبد للوصول إلى القمة. فالإيمان هو الوسيلة الأنجح لتحقيق النجاح وهو ما جعل البعض يصل إلى القمة في النجاح، ومن هنا نجد أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) قد زرع في قلوب الصحابة الإيمان بالحق، والنصر والسيطرة على كافة أرجاء الأرض فكان (صلى الله عليه وآله) يعد أصحابه بفتح بلاد كسرى وقيصر، وبهذا الإعتقاد سيطروا على الجزيرة العربية وفتحوا بلاد الشام وكسرى.

وأما فيما يخص الأمل فهو إنشراح الصدر وزيادة العقل والتفاؤل بزهرة الحياة، والأماني كالمباني تتحقق واحدة تلو الأخرى كما تبني البناء لبنة لبنة، وكل من يملك الأمل باستطاعته الوصول إلى النجاح ومهما كانت حياة الإنسان طويلة إلا أن أمانيه تبقى أطول؛ ليتمكن الإنسان من أن يبني شخصيته بأفكاره ورغباته.
مستمعتي كما إن هناك أثراً للشخصية الناجحة في المجتمع الإنساني وهو طيب التعامل مع الأسرة وكما تعلمين أن الأسرة عادة تتكون من الأب والأم والأولاد، فالأبوان لابد من التعامل معهم على أساس المودة والإلتزام بكل متطلبات الأبوة.

ثم أن العلاقة مع الأسرة لابد أن تكون مبنية على قاعدة التقابل بين الحق والواجب وكما يقول سيد الساجدين الإمام علي ابن الحسين (عليه السلام) عن الأم وواجب الأولاد تجاهها: (فحق أمك أن تعلم أنها حملتك، حيث لا يحمل أحد أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً.. وأنها وقتك بسمعها وبصرها، ويدها ورجلها وشعرها وبشرها، وجميع جوارحها، مستبشرة بذلك، فرحة موبلة.. محتملة لما فيه مكروهها، وألمها، وثقلها وغمها..).. وأما حق الأب فيقول (عليه السلام):(وأمّا حقُّ أبيك، فأن تعلم أنّه أصلك، وأنّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ممّا يُعجبك، فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوّة إلا بالله .... إلى آخر الحديث))، ولأن البر واجب على الأولاد تجاه أبيهم وأداءه من أفضل القربات إلى الله تعالى.

وكما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله)).

ومن هنا نقول أن نجاح الشخصية متوقف على رضا الوالدين ودعائهم، وكما أن على الولد أن يبر بأبيه كذلك على الوالد أن يبر بأولاده، فإذا كان ولدك منك فلابد أن تصادقه وتربيه وتعلمه الأدب وأصول الأخلاق وعليه أن يدله على الطريق الصواب، وأن يعامله معاملة من يشترك معه في الثواب والعقاب، ولا يخفى عليكِ مستمعتي إن مبدأ الإسلام مبني على مبدأ الإحسان لا قاعدة العدل، فلا يجوز أن نقول أن أبي لا يعطيني فأنا لا أعطيه أو أنه لا يحترمني فأنا لا أحترمه.

إن بعضهم يظن أن إكتساب الإحترام يتطلب أن يكون لنا رد فعل إذا كان ذلك لا يرضي الآخرين، وحتى إذا ما تعرض لسوء أدب أو إهانة فهو يعتقد أن تجاوزه هو الوسيلة السليمة لمجابهته، غير أن الحديث الشريف يقول:(لا خير في من لا يبالي بما قال وما قيل فيه)، وصحيح أن علينا أن نمر على اللغو مرور الكرام كما يصف ربنا عباده بقوله: (وإذا مروا باللغو مرّوا كراماً).
 


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الشخصية الناجحة -الحلقة السابعة- الددورة البرامجية 26

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا