كيف نقاوم الفشل ونحقق النجاح؟
2019/11/12
98

النجاح كلمة يتسابق إليها الناس للفوز بها والإلتفاف حولها، فكل إنسان يريد أن يكون ناجحاً في حياته، ونحن نتعلم ونقضي العديد من السنوات من أجل الوصول إلى النجاح ومن أجل تحقيق هذه الأمنية. ولا نعلم أن النجاح في الدراسة شيء والنجاح في الحياة العملية شيء آخر، فقد ينجح المرء في كل مراحل حياته الدراسية، حتى إذا ما دخل معترك الحياة العملية وجدناه لم يستطع النجاح الذي يتمنى الوصول إليه إلا القليل منه أو ربما لم يحقق شيئاً على الإطلاق.
عزيزتي.. الحياة مليئة بمثل هؤلاء، فمثلاً الرجل الذي قضى العديد من السنوات في مزاولة عمل ما، نراه يقول إنني لم أُخلق لهذا العمل، وأذكر لك مثال آخر: شاب تخرج لتوه من الجامعة وذهب يبحث عن عمل حتى إذا وجد وظيفة خالية سارع بالتقدم إليها، فإذا يكتشف بعد أن يلتحق بها أن طبيعة عمله الجديد لا تتلائم مع ميوله وإتجاهاته، أو إمرأة تزوجت واكتشفت بعد أشهر قليلة من الزواج مدى الخطأ الكبير الذي إرتكبته هي في حق نفسها أو ارتكبه والدها في حقها باختيارها لهذا الزوج.

والسؤال هنا هو: لماذا فشل كل هؤلاء؟ ولماذا تعثرت أقدامهم وهم يقدِمون على أعتاب مدرسة الحياة الكبرى؟

الجواب على ذلك كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): ((للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقر عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل على الأصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة)).

كما أن جوهر الدين يتمثل بالتسليم لله عز وجل والرضا بالقضاء والقدر والقناعة بما نملك والصبر ومخالفة الهوى، واكتساب الحسنات، فمن يسعى عبر الطرق المشروعة وبالمقدار الصحيح إلى الإستفادة من زينة الحياة وقيمتها، فإنه يبني لنفسه شخصية تليق به؛ ليعيش حياته بهناء وسعادة ويكون من الأخيار الصالحين، وكما قال الإمام الجواد (عليه السلام): ((قيمة كل إمرء ما يحسنه)).

كما وصف أحد الفلاسفة النجاح بعصفور صغير لا يقوى على الطير، وقد استقر في عشه فوق جذع شجرة عالية يحيط بها سور كبير في كل إتجاه. أما نحن فقد وقفنا كلنا خارج هذا السور، إننا جميعاً نريد العصفور، ولكن كيف السبيل في الوصول إليه، البعض يقف وراء السور وينتظر خروج العصفور الصغير من عشه؛ ليطير إليه ويقع بين يديه، ولكن العصفور لا يقوى على الطيران وقد يطول به الإنتظار، ثم من يدري فقد يقع بين يدي غيره من المنتظرين.
أما البعض الآخر فلم يقف، ولم ينتظر وإنما سيطوف حول هذه الأسوار العالية، وراح يفكر في أسرع وأفضل وسيلة يتسلق بها السور؛ لكي يصل إلى العصفور قبل أن تسبقه إليه يد أخرى، هذا هو الفرق بين الرجل الفاشل والرجل الناجح، فالأول يقف متفرجاً وكأنه يريد من النجاح أن يسعى إليه سعياً، والثاني يفكر ويبحث ويسعى ويبذل في سبيل ذلك كل ما يملك من جهد لتحقيق النجاح الذي ينشده ويصبو إليه.

إن فرص النجاح متاحة لكل فرد بشرط أن نعرف كيف نكتشف أنفسنا، والبحث عن النفس ليس بمشكلة كما يتصور البعض، ولو أننا استطعنا أن نخصص وقتنا بضع ساعات يومياً نخلو فيها إلى أنفسنا؛ لنبحث عمّا في داخل رؤوسنا من أفكار، لاستطعنا بمجهود بسيط أن نضع أقدامنا على بداية الطريق الذي يوصلنا إلى ما نتطلع إليه من نجاح في حياتنا.

وما تتطلبه عملية البحث عن النفس هو دراسة دقيقة لما حققه الإنسان من إنجازات، وكذلك دراسة الإمكانات والقدرة التي يتمتع بها والتي مكنته من تحقيق هذه الإنجازات، والمقصود بالإنجاز هو: كل عمل يقوم به المرء ويشعر بمتعة وهو يقوم به، ثم أحس بعد أن أتمّه على الوجه الأكمل بشعور من الزهو والسعادة ويشعر المرء أنه العمل الذي يثير المشاعر ويهز كيانه، ويشعره بأنه قفز إلى الأمام خطوة وربما خطوات، حتى تمنى أن يقوم بأعمال كثيرة مماثلة لهذا العمل وعلى غراره.

هذا هو المقصود بالإنجاز وما أكثر الإنجازات التي يحققها المرء خلال مراحل حياته المختلفة؛ ولذلك علينا ملاحظة الإنجازات وما قمنا به من أعمال ناجحة خلال سنين حياتنا القريبة والبعيدة، وكما علينا اكتشاف قدراتنا واستخدام  هذه القدرة؛ لأن النجاح ليس له حدود شرط أن لا نستسلم لليأس، وكما علينا أن نصنع النجاح بأيدينا لأننا نملك إمكانات هائلة وهبها لنا الله عز وجل تساعدنا أن نكون شخصية ناجحة.

 

 

 

 

 

 


 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الشخصية الناجحة -الحلقة السادسة– الدورة البرامجية 26

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا