التقلبات النفسية للمراهق
2019/10/11
328

المراهقة هي مرحلة طبيعية من مراحل عمر الإنسان تلي مرحلة الطفولة، وهي بمثابة الوسيط الذي يعبر به الشخص من مرحلة الطفولة التي تبنى فيها شخصيته بجانب خبراته السلوكية إلى فترة النضج والاستقرار، على الرغم من أنَّها أكثر المراحل إزعاجاً بالنظر للتقلبات النفسية والجسدية السريعة التي يشعر بها الإنسان في تلك المرحلة.

إنَّها مرحلة الانتقال من الطفولة إلى النضج، حيث يكون التغيير النفسي والجسدي ملحوظين، هذه التغيرات تختلف من مراهق لآخر؛ لذا ينبغي أعانة المراهقين من الجنسين على تعلم الكثير عن أجسامهم خلال هذه الفترة الأكثر حرجاً بالنسبة لهم.

فما أن يدخل الأبناء في مرحلة المراهقة حتى تعلو الأصوات، ويسود التمرُّد، وتتصاعد الخلافات، وينقلب البيت إلى ساحة معارك لا تهدأ حتى يعبر الأبناء تلك المرحلة الحرجة التي سبق وأن مرَّ بها الآباء.

وبالنسبة للبنت، فلكل مراهقة أسرارها التي تبحث عمن تأتمنها لديه، لذلك فإنَّ الأم أفضل حافظ لأسرار ابنتها المراهقة، وحتى تطمئن البنت يجب أن تتواجد الثقة التي تجعل الأم كاتمة للأسرار، ودائماً هناك حوار متبادل ممتد، فتشعر البنت بأنَّ أمها تمدها بالأمان، وحينها تستطيع أن توجهها توجيهاً عقلانياً، وكلما زادت الثقة، قلَّت السلوكيات الشاذة الخطرة وغير اللائقة.

ويؤكد المتخصصون على أهمية الاعتدال في المعاملة، والمساواة بين الأخ والأخت دون تفضيل لأحدهما على الآخر، وإخبار الفتاة بأنَّ الاختلاف يرجع لطبيعة دور كل منهما في الحياة، وربَّما للفروق البايولوجية.

لكن يبدو الأمر وكأنَّ الآباء يعانون أيضاً من تبعات هذه المراهقة، والسبب يرجع للخوف الزائد على الأبناء من أصدقاء السوء، ولتهور الأبناء في هذه المرحلة، وعدم قدرتهم على التمييز بين الخطأ والصواب لقلة خبرتهم في الحياة.

كيف أتعامل مع ابنتي المراهقة؟

هذه المسألة تحتاج إلى التدريب، وأخيراً تحتاج إلى الصبر مع مزيد من الحب والاحتواء، وهذه مجموعة من النصائح الهامة للأم في التعامل مع ابنتها، وقد اتفق عليها علماء النفس والتي تتمثل في:-

أ- أن تتقبَّلي سخط المراهقة وعدم استقرارها:-

فعلى الوالدين -وخاصةً الأم- التحمل والتسامح مع ابنتها، وعليهما التغاضي عما تعبِّر به عن مشاعر السخط وعدم الراحة التي تبديها في بعض الأحيان، وعليهما احترامها وتقبُّل شعورها بالسخط وعدم الرضا عن بعض الأشياء، وهنا لا بد أن نفرق بين التقبل والتأييد، فينبغي أن تكون استجابتنا دائماً محايدة، نفرق فيها بين تقبلنا لها وتأييدنا لما تفعل أو تقول، وهي تحتاج أساساً للتقبل، وأن تشعر بأنَّها محبوبة، وأنَّ ما تقوم به لا غبار عليه دون الدخول معها في مصادمات، ويجب أن يفهم الوالدان أنَّ محاربة المراهقة مسألة مهلكة بالنسبة لها.

ب- لا تتصرَّفي معها بفهم شديد ولا تجمعي الأخطاء:-

يرى أطباء الصحة النفسية أنَّه ينبغي التفويت للمراهق، أي لا نعلق على كل صغيرة وكبيرة من تصرفاته إن تعثر فوقع، أو وقع شيئاً من يده أو من الأمور البسيطة اليومية، وعلى الوالدين تقدير متى يجب الفهم، ومتى يجب التغاضي، ومن الأفضل أن لا نتوقع من المراهق الكمال، فنتعقب أخطاؤه لكي نصوبها دائماً، وعندما نلجأ إلى التصويب لا بدَّ من اختيار الوقت والظرف المناسب، أي حين يكون المراهق في حالة من الارتياح والسعادة، فهذا هو الظرف السليم الذي به نستطيع تصويب بعض الأخطاء التي وقع بها.

ج- يجب أن تحترمي خصوصيات ابنتكِ:-

فلا بدَّ من احترام خصوصيات المراهقة ما دام أنَّها لا يشوبها شائبة، مع الاحتفاظ بمبدأ المراقبة غير المباشرة، واحترام هذه الخصوصيات يتطلب بناء مسافة معينة بين الوالدين وابنتهما مع الاحتفاظ بالصداقة والمحبة والاحترام فهذا يشعر المراهق بأنَّه شخص مميَّز فريد، ومحل لثقة والديه.

د- ساعديها على الاستقلال:-

فكلما شجعنا صور ومواقف الاكتفاء الذاتي، كلما ساعدنا ذلك في بناء شخصية البنت، وكسبنا أيضاً صداقتها واحترامها، والأم المتفهمة تتيح لابنتها فرصة المشاركة في الأعمال المنزلية، مثل دخول المطبخ والعمل فيه، وطريقة الإنفاق، وحسن التصرف في الادخار والإنفاق، وعلى الأم أن تثني عليها وتتقبل خطأها بنفس راضية، وتشجعها إن أحسنت وتنصحها إن أخطأت، فإنَّ حسن التوجيه واللباقة هنا له تأثير السحر.

ومن الأمور الهامة تجنب هذه العبارات: «عندما كنتُ في مثل سنِّكِ كنت أفعل كذا وكذا، وأنجح في المدرسة بتفوق وغيرها»، لأنَّ هذه العبارات تسيء للبنت أكثر مما تنفع، فالمقارنة دائماً تحمل معنى الدونيَّة، فأنت لست ابنتك وابنتك ليست أنت، فكل منكما شخص مستقل ومختلف تماماً عن الآخر.

والأم المتفهمة ينبغي عليها إظهار التفهم لابنتها، والتفهم لغضبها ومتاعبها وأحزانها، وتقديم الدعم النفسي لها، فأنتِ السند النفسي لابنتك وذلك باستماعك لمشاكلها بانتباه واهتمام، وبالاستجابة المتعاطفة دون إقامة أي حكم على المواقف سواء بالثناء أو بالنقد.

إذن، كوني السند النفسي لابنتك، وتفهمي مشاعرها وحاجاتها، وخاصة الحاجة الجسمية والعاطفية، فالبنت المراهقة إذا لم تشعر بالعاطفة والحب والود والتفهم من أبويها فقد تبحث عنه في أي مكان آخر، وهذا ما نخافه ونرفضه، ونحن هنا نريد الحب المعتدل المتوازن، والفهم لطبيعة هذه المرحلة.

وأخيراً، اعلمي عزيزتي الأم أنَّ خطورة نقد الشخصية والسلوك نفسه هو أنَّه يترك في نفس المراهق مشاعر سلبية عن ذاته، وعندما نصفه بصفات الغباء والقبح والاستهتار يكون لذلك أثره على نفسيته، ويكون رد الفعل عنيفاً يتصف بالمقاومة والغضب والكراهية والانتقام، أو على العكس يتصف بالانسحاب والانطواء، إضافة إلى كثير من الأمور المهمة الأخرى التي يجب عليك مراعاتها عند التعامل مع ابنتك المراهقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المصدر: على اعتاب المستقبل- الحلقة الأولى-الدورة البرامجية 27










تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا