القلق في حياة المراهق
2019/10/08
127

القلق شعور عارض ينتاب المراهقين لأسباب لا تحصى، لكن الشعور بالقلق قد يتكرر عند بعض المراهقين أكثر من غيرهم، فقد يشعر المراهق بالقلق عند سماعه تجارب أو نشاطات يقوم بها غيره بسلاسة ودون خوف، والقلق شعور طبيعي يصيب المراهق نتيجة لتعرضه للضغط العصبي والتوتر عند التعرض لمواقف يصعب عليه مواجهتها، ومنها الامتحانات، ومقابلة أشخاص جدد، والتحدث في مناسبات عامة، ولا يتوقف الشعور بالقلق على التعرض لتلك المواقف، بل قد يمتد إلى التفكير فيها أو استحضارها في الذهن، خاصة إذا ما صاحبها فشل أو حرج، وقد يصاحب القلق نتائج إيجابية عندما تعين المراهق على مواجهة المواقف الصعبة، فالقلق الذي يسبق الامتحانات يشجع المراهق على مضاعفة مجهوده لتفادي التوتر أثناء الإجابة.
ومع ذلك عادة ما يسفر القلق عن نتائج سلبية تضر بصاحبها، خاصة مع الإفراط في القلق الذي يشل التفكير ويفقد المراهق تركيزه، وقد يؤدي القلق أحياناً إلى توتر علاقات المراهق بأصدقائه، فحالة الخشية والرهبة التي تصيبه قد تمنعه من ممارسة حياته والتعامل مع الأمور بشكل طبيعي.
وقد يفسر المراهق تصرفات الآخرين بطريقة غير صحيحة وربما يتهمهم مثلاً باللامبالاة وعدم تقديرهم لمحنته عند دعوتهم إياه لمصاحبتهم إلى إحدى المناسبات أو الخروج معهم للتنزه.
كيف يتعامل المراهقون مع القلق؟
لا يعجز المراهقون عن إيجاد طريقة للهروب من حالات القلق والتوتر، والطريقة الأمثل هي تحديد سبب القلق، والتعرف على نوعية المواقف التي قد ينتج عنها الشعور بالقلق لتفاديها، وقد يشعر المراهق بحالة من الارتياح النفسي بعد أن يصارح نفسه بأنَّه سيتعرض لموقف محرج أو قاسٍ إذ أنَّه لن يتفاجأ بأية صعاب أو محن لم يعهدها من قبل، أما في حالة فشل تلك الطريقة فعلى المراهق استشارة مختص في الصحة النفسية لإرشاده إلى الطريق الصحيح لتفادي تفاقم المشكلة، ولكن كيف يقيِّم المراهق حجم قلقه؟
هناك عدة إشارات تنبئ عن ازدياد القلق ومنها:-
1- الشعور بالقلق أو الرهبة أو الخوف دون سبب مقنع على الإطلاق، فمن الطبيعي أن يكون هناك سبب محدد معلوم وراء القلق عند المراهق، ولكن غياب السبب في الشعور بالقلق يعد مرضاً.
2- الشعور بالقلق باستمرار دون توقف رغم استمرار حياة المراهق بصورة طبيعية وعدم ظهور أشياء عارضة قد تكون السبب وراء ذلك.
3- إصرار المراهق على معرفة رأي الآخرين في أفعاله والتأكد من صحتها باستمرار بصورة تنقل للآخرين حالة التوجس والحذر التي تنتابه.
4- الانتقال من مرحلة عمرية لأخرى، فكل مرحلة عمرية لها خصوصياتها؛ فانتقال الطفل للمدرسة هي نقطة تحول، وانتقال الفتاة أو الولد إلى سن المراهقة هي أيضاً مرحلة يريد كلاهما إظهار النفس أو لفت النظر أو تأكيد الذات، فهم يشعرون أنَّهم كانوا أطفالاً ثم كبروا، فيصبح لديهم قلق حيال إظهار أنفسهم والكيفية التي يعملون عليها لمحاولة إثبات الوجود.
5- الانتقال إلى جو جديد كالمدرسة أو السفر، أو أن تضطر الأم إلى وضع طفلها عند أحد أقربائها بسبب مرض أو غير ذلك.
6- الشعور بالذنب لارتكابه خطأ ما.
7- إسراف الوالدين في تركيز الحماية على الطفل، فيصبحون يتصرفون عنه عند وقوعه في المشاكل، فيشعر حينها بالتقييد، ويصبح لديه نوع من القلق بأنَّه إذا واجهته مشكلة معينة يصبح غير قادر على حلها أو كيفية التصرف حيالها إذا ترك لنفسه الخيار في مجابهتها أو في حلها.
8- كثرة انتقاد الطفل، فهذا يولِّد لديه أزمة نفسية قاتلة لشخصه، فهناك فرق بين أن نعلم أطفالنا وأن نوجههم للطرق الصحيحة في السلوكيات وبين عملية النقد الهدامة لشخصية الطفل، هذه الأسباب تؤثر على سلوكيات الطفل فيصبح لديه تردد في قضايا كثيرة تمر في حياته، كما أنَّها تولد لديه عدم الثقة بالنفس في اتخاذ القرار المناسب والذي يستمر معه إلى الكبر.


ما هي أنسب وسائل علاج القلق عند المراهقين؟

يمثل إيجاد العلاج المناسب الخطوة الأولى الأهم في طريق التخفيف من حدة القلق والضغوط النفسية، وقد يؤدي هذا العلاج إلى تحسن أوضاع المراهق في حياته الشخصية وقد ينعكس أيضاً على أدائه المدرسي وعلى طريقة تعامله مع زملاء دراسته وأفراد أسرته، ويرشح المختصون في علم النفس عدة طرق للعلاج وتفادي تضاعف الأزمات النفسية، ومنها:-
1- العلاج الطبي، فقد يصلح التدخل الطبي والوصفات العلاجية في العديد من الحالات، رجوعاً إلى طبيعة حالة القلق ومدى تقدم الحالة، والأدوية التي توصف لتلك الحالات هي في مجملها الأدوية التي توصف في حالات الاكتئاب، وتتراوح فترة العلاج بين أربعة وستة أسابيع، وقد ينصح الطبيب أيضاً بعلاج معرفي سلوكي.
2- ويجب أن تعرف الأم سبب القلق المتولد لدى طفلها،وذلك بالبحث عن الأسباب عن طريق سؤالها له، فعندما لا يريد ابنك الذهاب إلى المدرسة، فلا بدَّ أنَّ هناك سبباً دفعه لهذا، فيجب أن تساليه عن السبب.
3- يجب أن توقف الأم كثرة انتقادها لابنها، وتصحح ذلك بأن تطلب منه أن يقوم بالعمل بشكله الصحيح.
4- وأيضاً الاستفزاز ينشئ لدى المراهق إثارة قاتلة، فيجب أن لا تستفزيه في حالة غضبه أو حزنه بإثارة مشاعره، بل يجب أن تهدئيه وتستمعي له، وأن تقومي بعملية التشجيع بدلاً من الاستفزاز، كما أنَّ القهر ينشئ لديه ضعفاً في الشخصية وهو أسلوب مدمر، فاجعلي له الحرية في الاختيار وإن شعرت بأنَّ الشيء الذي يطلبه غير مناسب بيِّني له سلبياته، ثم اعرضي له عدة خيارات تناسبه وتمكنه من اختيار ما يريده.
5- ومن المهم جداً أن نعرض صورتي الخطأ والصح، وأن نبيِّن للطفل ما نتائج التصرف الخاطئ والتصرف الصحيح ويمكن ذلك عن طريق قراءة القصص له.
6- وأخيراً نمِّي قدرات طفلك على حلِّ المشاكل، فلا تبادري بحل المشكلة التي يقع فيها ابنك وراقبيه واستمعي له، وانتظري إلى أن يصل للحل، فإن لم يستطع حاولي بطريقة ما أن تشاركيه في حلها بسؤاله مثلاً: ما رأيك يا ولدي؟ ماذا يمكن أن نفعل الآن؟ هل نفعل كذا وكذا؟ ضعي له الاختيارات في إيجاد الحل حتى يصل للحل الصحيح.
 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المصدر: برنامج الأمل الزاهر-الحلقة السابعة- الدورة البرامجية 34

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا